عادي

الإمارات.. دولة الرقم واحد

02:55 صباحا
قراءة 7 دقائق
محمد-بن-راشد-ومحمد-بن-زايد

إعداد: إيمان عبد الله آل علي

50 سنة من الإنجازات.. رحلة طموح دولة عنوانها التحدي والأمل، من دولة تحتضن مؤسسات بسيطة بخدمات متواضعة، وطوابير انتظار، إلى دولة يحصل المتابعون على الخدمات فيها بكبسة زر على الهاتف المحمول، وفي دقائق معدودة، دولة قائمة على الذكاء الاصطناعي تسعى إلى الرقم واحد في مجال الخدمات الحكومية.

حلم سيتحول إلى حقيقة خلال السنوات القادمة، ضمن استراتيجيات وخطط مدروسة، لتحقيق رؤية وغاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، التي اختصرها بمقولته: «أريد أن ينجز المواطن كل معاملاته عبر الهاتف المحمول»، لتذهب حكومتنا للمتعامل ولا تنتظر منه أن يأتي إليها.

بداية الرحلة

في المحطة الأولى نُعرّج على الخدمات في السبعينات من عمر الإمارات؛ حيث البدايات، الخدمات متواضعة، والعمل يرتكز على الكتابة اليدوية، والمعاملات تنجز بحضور متعامل شخصياً إلى المؤسسة، والحياة بسيطة، والكل كان يسهم ويعمل بجد وإخلاص من أجل نهضة الدولة، وتطويرها وفق رؤية القيادة الرشيدة.

وعلى الرغم من بساطة الخدمات المقدمة، كانت هناك رؤية طموحة من مؤسسي الدولة، بأن هذا الواقع سيتغير، وستشهد الدولة طفرة تقنية، تنقلها إلى محطات جديدة، بتعاون وتكاتف من قبل الجميع مع القيادة، فكان الأمل والطموح، وتجسّد على أرض الواقع، في المحطة الثانية من رحلة التقدم في الإمارات.

التحول للإلكتروني

في المحطة الثانية من عمر الإمارات، كانت النقلة والطفرة التقنية، وكان التحدي كبيراً، فكيف لموظفين اعتادوا العمل اليدوي بالاعتماد على التقنيات. في الإمارات كل عام يختلف عن الذي سبقه، فالقرارات التطويرية مستمرة، من أجل سعادة ورفاهية الشعب، وتحقيق التنافسية العالمية، فلم تقف الدولة عند حد معين في التطوير؛ بل تسابق الزمن من أجل الوصول إلى الرقم واحد، وكانت البداية عندما أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، منذ أكثر من عقدين وتحديداً عام 2000 عن برنامج «الحكومة الإلكترونية» الذي شكّل الحجر الأساس لكل مبادرات التحول الرقمي اللاحقة على مستوى الدولة، مؤكداً أن الهدف هو «ترسيخ ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة على صعيد التطور الإلكتروني».

وشكّل الإعلان عن الحكومة الإلكترونية عام 2000 سابقة على مستوى المنطقة، وشرعت المؤسسات الحكومية في تحويل خدماتها إلى خدمات إلكترونية متاحة للمتعاملين والمستفيدين منها أينما كانوا وعلى مدار الساعة من دون الحاجة إلى مراجعة مراكز الخدمة.

لم تقف القيادة عند هذا الحد، فالإلكتروني لم يعد مناسباً للتغيرات المتسارعة في عالم التكنولوجيا.

مبادئ الخمسين

تشكل المبادئ العشرة لدولة الإمارات في الخمسين الجديدة مرجعاً رئيسياً للجهات الحكومية خلال السنوات القادمة، لتنقلها إلى مراحل جديدة من التنمية الرقمية، خاصة أن المبدأ السابع يرتكز على التفوق الرقمي والتقني لدولة الإمارات، والمستقبل ترافقه الكثير من المتغيرات في الخدمات الحكومية، ومن ثم المؤسسات يجب أن تكون مستعدة وتتفاعل مع متغيرات العصر بابتكار حلول واقعية تحسن رحلة المتعامل، وترفع معدلات رضاه، وتصميم الخدمة الحكومية بناء على رحلة المتعامل ومواكبة سقف توقعاته وتجاوزها.

التحول الرقمي

انعكس التحول الرقمي على مكانة دولة الإمارات وجهة عالمية مفضّلة ذكية للاستثمار والعيش والارتقاء بتجربة الحياة، بفضل تطبيق مبدأ جودة الحياة الرقمية، وما رافقه من تكنولوجيا الصحة الرقمية، والتعليم الرقمي، والعدالة الرقمية، وتجربة إسعاد المتعامل مع الخدمات العامة، وإشراك المجتمع في تصميم وتطوير الخدمات الحكومية، وتوفير البيانات في خدمة الأفراد والمؤسسات، وتكريس الحق في الوصول إلى المعلومات وقيم وسلوكيات المواطنة الإيجابية في العالم الرقمي، مع القياس المستمر لسعادة المتعاملين عند استعمالهم الخدمات الرقمية.

والخدمات الذكية التي أطلقتها الدولة لا تعد ولا تحصى، وآخرها المنصة الرقمية الموحدة، ليحصل المتعامل على الخدمات عبر منصة واحدة، وقد أطلقت الحكومة «مركز خدمات 1» ليكون مركزاً نموذجياً لتقديم الخدمات الحكومية الشاملة بأساليب مبتكرة وغير تقليدية أهمها الموظف الشامل، والاستغناء عن مكاتب تقديم الخدمة، والحصول على الخدمة في زيارة واحدة، ودفع رسوم الخدمة مرة واحدة، بهدف تقديم تجربة متعامل سلسة مع التركيز على إسعاد المتعاملين.

وأطلقت الحكومة مجموعة من البرامج التدريبية التي تستهدف موظفي الحكومة المعنيين بتصميم وتطوير وتقديم الخدمات الحكومية، وأطلقت تطبيق المتسوق السري، الذي طوّره برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، إلى تعزيز دور المتعامل وتحويله إلى شريك فاعل في تطوير وتحسين الخدمات من خلال التعرف إلى أفكاره ومقترحاته، والاستفادة من تجاربه وتقييمه للخدمات الحكومية.

الخدمات الذكية

لم نكن نتوقع أن نحصل على الخدمات الإلكترونية ونحن نشاهد التلفزيون في منزلنا، ولكن تحقق ذلك، بعد أن دخلت الدولة مرحلة جديدة؛ هي الحكومة الذكية عام 2013، هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في مايو/ أيار 2013، وشكلت نقلة نوعية من الحكومة الإلكترونية إلى الذكية وصولاً إلى الرقمية.

وشهدت منظومة الخدمات الحكومية في الدولة، خلال تلك الفترة، تحولات فريدة، كانت سبباً في الارتقاء بمستوى الخدمات الإلكترونية، وتحقيق ريادة وفق المؤشرات العالمية في التحول الرقمي؛ حيث تبنَّت الدولة، استراتيجية الإمارات والتي تهدف إلى تقديم خدمات رقمية متطورة في أي مكان وعلى مدار الساعة قبل حلول عام 2023.

وشهد القطاع الحكومي محلياً وعالمياً، تطورات استراتيجية وتحولات كبيرة، في ما يخص آلية تقديم الخدمات الحكومية، وتغيراً لافتاً في أسلوب العمل الإداري، متجهاً نحو الخدمات الاستباقية، عبر التركيز على المتعامل والكفاءة الحكومية.

الخمسون القادمة

الخمسون عاماً القادمة مختلفة عن السنوات التي مضت، فما كان حلماً في مرحلة التأسيس أصبح واقعاً، وما هو حلم اليوم ومجرد هدف مدوّن في الخطط الاستراتيجية، سيكون خلال الخمسين عاماً القادمة مطبقاً على أرض الواقع، لنصل إلى عوالم جديدة، وتحقق الدولة حلمها في التفوق في الخدمات الحكومية، وحجز مكانة مهمة لها على الخريطة العالمية كأفضل حكومة.

ولم تقف عند هذا الحد؛ بل وضعت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي ستعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة.

وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف من خلالها إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة، وأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل.

رؤية الإمارات

تماشياً مع رؤية الإمارات بأن تكون من أفضل الدول في العالم بحلول عام 2021، أطلق برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، بهدف رفع كفاءة الخدمات الحكومية إلى مستوى 7 نجوم، وقامت الحكومة الاتحادية بإطلاق النظام العالمي لتصنيف النجوم؛ حيث تصنف المراكز من نجمتين إلى سبع نجوم بناء على نتيجة التقييم لإعادة صياغة مفهوم تقديم الخدمات في الجهات الاتحادية، وتم إطلاق مشروع مصنع الخدمات الذي يركز على تدريب الجهات على آلية تصميم الخدمات والأخذ بعين الاعتبار رحلة المتعامل وتجربته.

ويعد مشروع رأي المتعاملين في الخدمات، نقطة أساسية في عملية تطويرها، وعليه تم تطوير منهجية ومشروع قياس سعادة المتعاملين عن الخدمات الحكومية. وأطلق جائزة «أفضل خدمة حكومية عبر الهاتف المحمول» عام 2014 بهدف تحفيز الجهات الحكومية، لتقديم حلول إبداعية مبتكرة في مجال تطبيقات الهواتف الذكية.

حصاد الخطط

حصاد الخمسين سنة الماضية في تقديم الخدمات الحكومية كانت مثمرة، وطموحات الخمسين القادمة ستحلق بالإمارات عالياً في سماء الإنجازات، لتكمل رحلة العطاء والنجاحات، وتكون واحة للازدهار والنهضة ونموذجاً عالمياً في التنمية. فالتجربة الإماراتية استثنائية، والمرحلة الحالية انتقالية ستعيشها الدولة وشعبها، ونقطة تحول بين مرحلتي التأسيس والتفوق والتميز، فالمسيرة القادمة ستكون حافلة بالمشاريع والمخططات والاستراتيجيات التي تحقق الريادة وتجعل الإمارات الأولى عالمياً.

المستقبل واعد، وآفاق التميز لا حدود لها، والمشاريع التي وضعتها الدولة للسنوات القادمة ستحقق إنجازات عظيمة، لتمضي بخطى واثقة في مسيرة الخمسين عاماً القادمة بسواعد أبنائها وطموح القيادة، لتحقق كل ما وضعته من خطط طموحة في مئوية الإمارات.

كل تلك النجاحات تجسدت بتفوق الدولة في التصنيفات العالمية، فوفقاً لتقارير عالمية، ساهم التحول الرقمي والرقمي في حيازة دولة الإمارات المركز الأول عربياً وإقليمياً وال 15 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

الذكاء الاصطناعي

التغير في كيفية تقديم الخدمات الحكومية، يجتاح العالم، نتيجة التطورات الكثيرة للتقنيات المستخدمة، ما جعل الحكومات أمام ضغط كبير لمتابعة تلك المتغيرات المتسارعة، في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وإنترنت الأشياء و«بلوك تشين» وغيرها؛ لذلك فقد باتت توقعات المتعاملين تفوق ما تقدمه الجهات.

وتدرك حكومة دولة الإمارات أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها الإيجابي في إحداث طفرة تطويرية في أساليب تقديم الخدمات الحكومية. وتعمل الحكومة جاهدة على تسريع وتيرة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، وتمضي دولة الإمارات العربية المتحدة قدماً نحو مستقبل أكثر تطوّراً وفاعلية؛ لذلك عزمت على تغيير آلية عمل الحكومة، لتواكب التطور السريع في عالم التكنولوجيا؛ لذلك تم إنشاء وزارة الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي.

تسعة مراكز

بفعل التحول الرقمي المتواصل في مختلف القطاعات، تقدمت الإمارات 9 مراكز؛ حيث جذبت الإمارات، كما ورد في التقرير، استثمارات أجنبية مباشرة في عام 2020 تصل قيمتها إلى 19.9 مليار دولار أمريكي بنسبة نمو 11.24% عن عام 2019، لتتصدر المركز الأول عربياً مستحوذة على 49% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى دول العالم العربي. وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة بنية تحتية رقمية هي الأكثر تطوراً في المنطقة؛ حيث تبوأت المركز الأول عربياً وعلى مستوى دول المنطقة في مؤشر التنافسية الرقمية لعام 2020، وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020.

خمسون عاماً.. سنوات قصيرة في أعمار نهضة الدول، ولكن ما تحقق على أرض الإمارات يشكل أسرع مسيرة نجاح في عمر الدول، فقد نافست أعرق الدول وتحدت الصعوبات وتغلبت على التحديات، ووضعت السيناريوهات التي مكنتها من تجاوز تلك المحطات الصعبة، وتمكنت بفضل الله، ورؤية القيادة الرشيدة وحلم المؤسسين، وجهود الشعب من مواطنين ومقيمين أن تحقق الإنجازات، وتواصل العطاء بلا توقف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"