عادي

الدهون.. العضو السري في جسم الإنسان

19:45 مساء
قراءة دقيقتين

أسلافنا كانوا من المحظوظين بما يكفي، لتمتعهم بنظام طاقة شديد الكفاءة؛ إذ تمكنوا من أن يستخرجوا قدراً كبيراً من الطاقة من كميات صغيرة من الطعام، وتخزينها كدهون، ثم أحرقوا هذه الدهون بكفاءة عالية، أدى هذا المزيج المتجانس إلى احتفاظهم بالمزيد من احتياطات الدهون؛ لذلك تمكنوا من أن يعيشوا فترات طويلة في أوقات الجوع، معتمدين على هذا المخزون؛ لذا في عصور ما قبل التاريخ فقط أولئك الذين كانت لديهم كمية كبيرة من الدهون في أجسادهم، تمكنوا من البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف قاسية، مثل المجاعات التي استمرت طويلاً، بعبارة أخرى تميزوا بقدرتهم على التطور، وكان أمراً حيوياً لاستمرار بقاء جنسنا البشري، إذن في عصر ما قبل التاريخ وجود كمية كبيرة من الدهون في الجسد كان يعد أمراً محموداً.

يشير كتاب «الدهون.. العضو السري فوائدها وأضرارها» لمارييت بون وليسبت فان روسوم، إلى أنه قبل 10 آلاف سنة، بعد انتهاء حقبة الصيد وجمع الثمار، حدث تغير ملحوظ؛ حيث استقر الناس في مكان واحد، وهي الخطوة الأولى لبناء القرى والبلدان، قاموا بتربية الماشية وبزراعة المحاصيل، ومن ثم تمكنوا من تخزين الطعام، ومنذ تلك اللحظة أصبحت المجاعات الشديدة أقل حدوثاً، على الرغم من أن الناس كانوا لا يزالون معرضين لتقلبات الطبيعة، فالمحاصيل قد تموت، لهذا السبب ظلت دهون الجسم تلعب دوراً مهماً في كونها صديقة مهمة للبشر، وظلت كذلك حتى القرن الثامن عشر.

على الرغم من ذلك فإن هناك جانباً سيئاً لكل ذلك، فقد وصل الناس في مرحلة معينة إلى أقصى طول تسمح به جيناتنا، وفي الوقت نفسه استمرت وفرة الطعام، علاوة على ذلك، بدأت الآلات في القيام بجزء من العالم، وهذا ما أدى إلى أن الأفراد لم يعودوا بحاجة إلى العمل بكد كما في الماضي، منذ تلك اللحظة بدأ التطور ينقلب ضدنا ببطء فبعد أن كان استخدامنا لطاقتنا وتخزينها بكفاءة يعد في الماضي له فائدة عظيمة أصبحت الوفرة الكبيرة للطعام وقلة المجهود البدني تعني أن الناس يستهلكون طعاماً كثيراً يفوق قدرتهم على حرقه واستغلال طاقته، وهو ما نتج عنه حدوث فائض في احتياطي الدهون، وقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يعامل الوزن الزائد باعتباره مشكلة طبية.

بدأت سمعة الدهون بالتدهور – كما يوضح الكتاب – وأصبحت أقل شعبية لأن الناس ببساطة لم تعد تعدها جذابة، وأصبح من المثالي أن يكون المرء نحيفاً، من الواضح أن دهون الجسم صارت ذات سمعة سيئة، تعزز ذلك في بداية القرن العشرين، عندما أثبتت الدراسات العلمية بشكل قاطع، أن هناك ارتباطاً بين السمنة وارتفاع معدلات الوفيات، فقدت الدهون السمعة الجيدة التي كانت تتمتع بها إلى الأبد، ومنذ الثلاثينات صار مقبولاً بشكل عام أن الكثير من الدهون في الجسد تمثل مشكلة صحية، مع ذلك ستظل الطريقة التي تؤثر فيها الدهون في الصحة لغزاً لمدة طويلة جداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"