عادي

حتى في «كورونا»..الإمارات الأولى عالمياً بالمرونة والمساعدات

02:43 صباحا
قراءة 5 دقائق
خلال تقديم اللقاح في دبي
تعقيم محطة السكة الحديدية في يانجزو بمقاطعة جيانجسو الصينية (ا.ف.ب)

إعداد: جيهان شعيب

حينما حل وباء كورونا على العالم دونما تمهيد مسبق، أو ربما مقدمات كافية، توحي بكارثة الجائحة الفيروسية وتداعياتها، توقفت مجريات الحياة في دول عدة، حيث لم تكن حكوماتها على مستوى مواجهة الوباء بشكل مدروس وواعٍ، من حيث الاستعداد الكافي لوضع خطط مكافحة، إجراءات احترازية، ووقائية، وعلاجية، وبالتالي فالفيروس منذ تفشيه، أفقد ملايين الأشخاص حياتهم في العالم، بينما أُصيب أكثر من مئة مليون شخص به، ورغم تعافي معظمهم بشكل شبه تام، فإن آثاره المؤذية لم تبرح أجساد البعض، حيث أضعفت المناعة لديهم كثيراً.وبين دول استطاعت نسبياً الوقوف كحائط صد أمام تفشي الوباء الأعمى، وتعاملت معه بصرامة، وأخرى هزمها منذ جولته الأولى، كاشفاً عوارها، وضعف إمكانياتها، أكد باحثون أنه «بالرغم من وجود تحذيرات مبكرة من تفشِّي جائحة «كوفيد 19» منذ ظهورها في الصين أواخر العام 2019، إلا أن أغلب صانعي السياسات في العالم كانوا غير مستعدين، ومترددين في التعامل مع الأزمة، التي أثارت أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، وأدت إلى فرض قيود غير مسبوقة، كإجراءات تعليق، أو تقليص الطيران من وإلى الصين، وغيرها».

توصيات مهمة

تبعاً لمقال نشرته دورية «جورنال أوف ريسك ريسيرش» (Journal of Risk Research)، وأعدته مجموعة من المتخصصين في مجال مواجهة المخاطر على مستوى العالم نجد أنهم وضعوا 10 توصيات استهدفت مساعدة الحكومات وصناع السياسات في التعامل مع أية أوبئة، أو جوائح، قد يجد العالم نفسه أمامها مستقبلاً، ومن ذلك: معالجة المخاطر من المنبع في حالة الأوبئة، بتقليل احتمالية انتقال الفيروسات من الحيوانات إلى البشر، والاستجابة للتحذيرات، بوضع ضمانات أفضل لمواجهة الآثار الخطيرة التي تسببها الأوبئة، واتخاذ بعض التدابير للحد من مخاطر معينة، حتى لو كانت ستؤثر في جوانب أخرى من الحياة.واهتمت الدولة بالتكنولوجيا كثيراً عند تقييم مخاطر الوباء، والتأهُّب لمواجهته، وتحديد سبل ذلك، وتوجيه دفة الاستثمار إلى المجالات الصحية، وإنشاء صندوق طوارئ عالمي لمعالجة تكلفة تدابير التصدي، وتعزيز الروابط بين العلم ودوائر صنع السياسات، حيث حققت حكومات البلدان التي تتوافر فيها المعلومات العلمية، نجاحًا أكبر في مكافحة «كوفيد-19»، ومعالجة المخاطر التي تواجهها البلدان في إطار الحوكمة الرشيدة، وأن يجري ذلك بصورة مستمرة، وليس كاستجابة طارئة لأي جائحة مستقبلية، ما يستوجب إنشاء وحدات معلومات واتصالات وطنية ودولية، بهدف مواجهة المخاطر.

احترافية رفيعة

تعاملت الإمارات مع أزمة كورونا باحترافية رفيعة المستوى، وكانت سباقة في تنفيذ خطط مدروسة،وعملت على تعزيز كفاءة القطاع الصحي في الدولة، من خلال توفير خدمات الرعاية الصحية والعلاجية، واتخاذ التدابير الوقائية، ومكافحة الأوبئة والأمراض، ووفقاً للدكتورة فريدة الحوسني المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ووقاية المجتمع فقد استطاعت الدولة أن تضع خطة عمل علمية، وعملية، تعد من أنجح النماذج العالمية في إدارة الأزمة، والحد من تداعياتها، مع مواصلة الاستباق، والاستشراف، من خلال تكثيف نطاق الفحوص في جميع أنحاء الدولة، والهادفة للتقصي، والحد من انتشار الجائحة، وتخفيف آثارها على أفراد المجتمع، ووصلت نسبة الحاصلين على الجرعة الأولى من إجمالي السكان إلى 100%، ونسبة متلقي جرعتي لقاح كانت 95.21 %، من إجمالي إحصاء السكان المعتمد. وبشكل عام استطاعت الإمارات أن تحل في المركز الأول عربياً بجدارة، والمراكز المتقدمة عالمياً في الدول الأكثر أماناً من جائحة «كوفيد 19»، وفي التعامل أيضا معها، حيث احتلت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في توزيع الجرعات اليومية، كما احتلت الإمارات المرتبة الخامسة عالمياً من حيث توافر اللقاح.

الأمراض السارية

في مجال الإلزام بالإجراءات الاحترازية، وجدنا قانون العقوبات كقانون عام، وقانون مكافحة الأمراض السارية كقانون خاص في ظل تلك الأزمة، ووجدنا قوانين حماية المستهلك، ومنع الاحتكار وغيرها من القوانين التي لم نكن معها في حاجة لتشريعات جديدة. والحقيقة التي يشهد بها القاصي والداني، ولا ينكرها منصف، أننا وقبل أن نجد القوانين، وجدنا وعياً والتزاماً من الشعب الإماراتي ذاته، وكل من يعيش على أرض هذه البلد الطيب، من المقيمين والزائرين، وهو ما يؤكد نجاح المنظومة التشريعية، والقانونية في دولة الإمارات، في مواجهة تحديات هذه الجائحة.

مثال يحتذى

أما دولة الإمارات فكانت مثالاً يحتذى في التعامل مع تداعيات جائحة كورونا، ونجحت في التربع على قمة دول العالم في العديد من المؤشرات الخاصة بالأزمة، من خلال إجراءات استثنائية، سخرت فيها الموارد، والأدوات اللازمة كافة لتخطي المرحلة الأصعب، فيما نجد هناك العديد من الآراء حول نجاح بعض الحكومات، وبين إخفاق البعض منها، في التعامل مع تداعيات الجائحة، ليكون كورونا بمنزلة اختبار للكفاءة في التعامل مع هذا الفيروس الذي لا يرحم.

الاستهانة الصينية

نتذكر هنا قصة الطبيب الصيني الذي قيل إنه أول من اكتشف فيروس كورونا قبل وقت من انتشاره، وبدلاً من أن تأخذ السلطات الصينية تحذيراته على محمل الجد، عوقب هو وآخرون بسبب تبلغيهم عن الفيروس، وربما كان ذلك أول الأخطاء التي ارتكبت في التعامل مع الفيروس، مع الاستهانة بخطره، في حين ربما اختلف الوضع في الصين وخارجها لو تم الأخذ بحديث الطبيب، الذي توفي لاحقاً بسبب إصابته بالفيروس.

وعلى الرغم من ذلك، فقد أثبتت الإمارات لدول العالم أجمع، أنها الأولى على الإطلاق، وتترأس الجميع بما وضعته من بنود عمل استباقية، وريادية، في إدارة الأزمة، ومحاصرة الوباء للحيلولة دون انتشاره، بإقرارها خططاً احترازية، ووقائية، لتحجيمه، ومنع تفشيه، حفاظاً على أرواح أبنائها ومقيميها، وسجلت بذلك تفوقها على نفسها، دون أدني مقارنة ممكنة، أو محتملة لغيرها بها، حيث تعاملت بجدية تامة مع النازلة منذ اللحظة الأولى، وحشدت في ذلك مؤسساتها كافة، لمواجهة حادة، وحاسمة، ولم تعمل على تهوين الأمر أو تبسيطه، حتى تصدرت العالم في مكافحة الوباء.

بؤرة الفيروس

تحولت إيطاليا بعد الصين إلى بؤرة للفيروس في العالم، كون معظم مستشفياتها لم تلتزم بالمعايير، وتسببت في انتقال الفيروس، إلى دول أخرى في أوروبا، وشمال إفريقيا، من خلال الحالات التي أصيبت به، وكانت خطوات السعودية بإجراءاتها الوقائية والاحترازية، حيث علقت المملكة زيارة الحرم المكي، كما علقت التأشيرة السياحية، وطالبت كل من يأتي إليها من دولة ينتشر فيها كورونا، بالخضوع لحجر صحي لأسبوعين.

الأولى بالمرونة

بحسب مؤشر «بلومبيرج» ارتقت دولة الإمارات إلى المركز الأول عالمياً لأفضل الدول مرونة في التعامل مع جائحة «كورونا»، متقدمة مركزين عن التصنيف الماضي، وحققت 78.9 نقطة حسب آخر تقييم على المؤشر العام. وتقدمت الإمارات على دول مثل فنلندا والمملكة المتحدة والنرويج وإسبانيا وكندا وهونج كونج والولايات المتحدة. واعتمدت «بلومبيرج» في تصنيفها على مقاييس ومنهجيات رئيسية للدول، مثل إمكانيات نظام الرعاية الصحية المحلي، وتأثير القيود المتعلقة بالفيروس في الاقتصاد، وحرية تنقل الأشخاص. وإلى جانب كونها الأولى بالمرونة في التعامل، فقد كانت أيضاً الأولى في تقديم المساعدات للعالم، فسيّرت جسورها منذ بدء الجائحة في 2020، إلى 135 دولة. وبلغ إجمالي رحلات المساعدات الطبية المرسلة 196 رحلة، وأنشأت 6 مستشفيات ميدانية في 6 دول.

إجراءات استثنائية

يقول د. حميد الزعابي: الحقيقة أن الأزمة الوبائية المتعلقة «بكوفيد 19» سلطت الضوء على القدرات الحقيقية للأنظمة الصحية حول العالم، حتى بات الحديث عن حكومات دول متقدمة، أخفقت في إدارة الأزمة، فوفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية، يمكن أن تؤدي أزمة سوق العمل، والاقتصاد، التي سببها وباء كورونا، إلى زيادة البطالة العالمية بنحو 25 مليوناً ولكن إذا حدثت استجابة منسقة دولياً على صعيد السياسات، كما حدث في الأزمة المالية العالمية لعامي 2008-2009، فسيكون الأثر على البطالة العالمية أقل بكثير.

ورغم تفاوت مستوى تعامل حكومات العالم مع الجائحة، فمعدل الاستجابة الذي تم وفق منظومة الاحتواء، نجح إلى حد ما في تقليل مستوى الأضرار الناجمة من كورونا، على الصعيدين البشري، والمادي، وأصبح الشغل الشاغل الآن هو كيف تتعامل حكومات العالم مع مبدأ الاستعداد، والتحفيز للتعافي الاقتصادي، وتعزيز التعاون الدولي، يعتبر أولوية قصوى، في محاربة الجائحة، وصولاً إلى العودة إلى الحياة بشكل طبيعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"