شهر العلم والعمل والعبادة

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الفضيل، ومما لا شك فيه أن العبادات والروحانيات تنشط في الشهر المبارك، وتزداد الممارسات والطقوس الدينية التي تميز هذا الشهر، وتعظّم من مكانته العظيمة أصلاً، وبما أن شهر رمضان جاء متزامناً مع بدء العطلة المدرسية، فإنها فرصة لجميع الطلبة وأولياء الأمور لأخذ قسط من الراحة والاستعداد للعودة بنشاط وثقة عند انتهائها.
وبالتأكيد، فإن الكلام عن أخذ قسط من الراحة لا يعني بأي حال من الأحوال، الجنوح إلى الكسل والخمول، نظراً للاعتقاد السائد أن رمضان شهر الراحة والتفرغ للعبادات، وهذا منافٍ لأدبيات وسلوكيات الشهر الفضيل، الذي يعتبر شهراً للعبادة والصيام والعمل والدراسة والقيام بالواجبات على أكمل وجه.
وبالتالي، فإن الأيام العشرة الأولى تقريباً التي يكون فيها الطلبة في بيوتهم، هي بمثابة الاستعداد للعودة إلى المقاعد المدرسية بنشاط وجاهزية، من خلال التحضير والاستعدادات المسبقة لمراجعة مناهجهم بتروٍّ وتركيز، خصوصاً أن ساعات الدوام المدرسي ستكون أقل للتخفيف عن الطلبة وإتاحة الفرصة لهم لممارسة العبادات ومساعدة الأهل وتحضير واجباتهم.
ولا بد لأولياء الأمور من استغلال هذه الأيام التي تسبق الشهر الفضيل، لتنظيم أوقات الأسرة عموماً، وتحديد أولويات أبنائهم من الطلبة، خلال ما يتبقى من أيام فضيلة من رمضان حتى يتسنى لهم القيام بمسؤولياتهم التعليمية والمدرسية، واستغلال تلك الأيام لترسيخ عظمة الشهر وأهمية تكثيف العبادات فيه.
ولا بد لي من الإشارة هنا، إلى مسألة في غاية الأهمية، تندرج في سياق الحفاظ على صحة الجسد والعقل معاً. فالدراسات الطبية والصحية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الصوم فترات تصل إلى 14 أو 15 ساعة له فوائد عديدة وعظيمة على جسد الإنسان، فهو من ناحية يسهم في تجدد الخلايا وتنظيف السموم، فضلاً عن دوره في تنشيط الذاكرة وتعزيز الاستجابة.
وبما أن هذه الفوائد باتت معروفة ومؤكدة، فإنه من واجب أولياء الأمور، ترسيخ هذه القناعات لدى أبنائهم؛ بل وحثهم على الاستمرار في الصوم المتقطع حتى بعد نهاية الشهر الفضيل للحفاظ على صحتهم وتنشيط ذاكرتهم، فضلاً عن كونه أحد أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى.
كما أن الشهر الفضيل يعتبر مفتاحاً لترسيخ أواصر الأسرة وتعزيز الثقة بين أولياء الأمور وأبنائهم، وفرصة للارتقاء بحسّ المسؤولية لدى الأبناء، مما يهيئهم للمستقبل كشباب يتحمّل المسؤولية، قادر على اتخاذ القرارات الحكيمة والبنّاءة، ومسهم في رفعة مجتمعهم ودعم تنميته وازدهاره.
وفي المحصلة، فإن شهر رمضان الفضيل يعتبر فرصة عظيمة للعديد من الأمور التي إذا تم استغلالها من الجميع، وبشكل خاص للأطفال، من خلال توجيهات الأسرة ومساندتها، فإنها ستقود إلى بناء أجيال تعتمد على سلوكيات غذائية صحية، قادرة على تنظيم أوقاتها للقيام بواجباتها، سواء التعليمية أو العملية بعد التخرج، فضلاً عن ترسيخ مكانة الشهر وعِظَم العبادات خلاله، إلى جانب العديد من الفوائد التي تصاحب الإنسان طوال حياته.

أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"