عادي
جلسة عصف ذهني ضمت ستة محاور

50 كاتباً ومفكراً يستعدون لمئوية مكتبات الشارقة

23:33 مساء
قراءة 5 دقائق
أحمد بن ركاض العامري يلقي كلمته في افتتاح الخلوة
د. سعد البازعي ود.عماد جاب الله خلال الجلسة

الشارقة: «الخليج»
في إطار استعداداتها للاحتفاء بمئويتها الأولى في العام 2025، وتحت شعار «خلوة المئة»، نظمت مكتبات الشارقة جلسة عصف ذهني بعنوان «المئوية الثانية لمكتبات الشارقة العامة»، ترأسها أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، بحضور إيمان بوشليبي، مديرة المكتبات، ومشاركة 50 من الأكاديميين والمفكرين والمثقفين ومديري الدوائر الحكومية.

بدأت الخلوة بندوة حوارية بعنوان «التخطيط الثقافي»، استضافت خلالها نخبة من الأكاديميين والمفكرين المعنيين بالشأن الثقافي وتطوير مصادر المعرفة، تحدث فيها كل من الدكتور عماد عبدالعزيز جاب الله، أستاذ علوم المعلومات المساعد ورئيس تقنية المعلومات في جامعة الشارقة، والمفكر والناقد السعودي الدكتور سعد البازعي، وأدارها غيث حسن الحوسني، وتناولت أهمية التخطيط في وضع الأطر التطويرية للمكتبات العامة كمصادر للمعرفة، والاستراتيجيات التي تسهم في تشكيل مجتمع مثقف وواعٍ.

في كلمته الافتتاحية للندوة، أكد أحمد بن ركاض العامري أن اهتمام الشارقة بالمكتبات شكّل أحد صور اهتمامها بمكانتها وحضورها بين عواصم المعرفة العالمية، لافتاً إلى أن الشارقة اليوم ترتبط بعلاقات تعاون وعمل مشترك مع مكتبات ومؤسسات معرفية عالمية مثل مكتبة الكونغريس الأمريكيّة، وأنها اليوم تهتم بالنهوض بدور المكتبات، ليس في الشارقة ودولة الإمارات وحسب، وإنما في مختلف بلدان العالم.

وقال العامري: «إن حفل الاستعداد لمئوية مكتبات الشارقة يمثل استعادة للجذور التاريخية لمشروع الثقافي، ووقفة عند رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي قادت إلى تأسيس ستة أفرع من مكتبات الشارقة في مختلف مدن ومراكز الإمارة، وأكدت أن المكتبات هي المرآة التي تنظر فيها الأمم لنفسها، وترى المستقبل من خلالها».

تخطيط

وأكد الدكتور سعد البازعي أن الحديث عن التخطيط الثقافي هو حديث عن الثقافة بمستواها المنظَّم، الذي يتجاوز مصطلح الثقافة بأبعادها الشعبية، وأن أهمية التخطيط الثقافي تبرز من خلال المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي، لافتاً إلى أهمية المرونة في عملية التخطيط، بحيث يسمح بمواكبة المتغيرات، واستشراف التطورات المتسارعة التي تمر بها المجتمعات، وفي الوقت نفسه يرسم الخطوط العامة، بحيث ينتج أهدافاً قابلة للتحقيق.

وقال البازعي: «باتت الشارقة في واقعنا العربي اسماً مرتبطاً بالثقافة، وقد أهلتها إنجازاتها لتكون عاصمة للثقافة، ولم تزل السمعة الطيبة للفعاليات الثقافية التي تحفل بها كافة مناطق الإمارة تتعزز يوماً بعد يوم، ولا ريب أن قيادة الإمارة من رجل مثقف مثل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي هو حالة استثنائية جعلت الثقافة مرتكزاً للتخطيط، ورمزاً من رموز إسهام الثقافة في النجاحات التنموية».

بدوره، قال الدكتور عماد عبد العزيز جاب الله: «إن العرب أمة كتاب، وشغفهم بالكتاب هو من السمات التي أسهمت في تشكيل حضارتهم وتفوقهم على مدى قرون من الزمان»، مؤكداً أن ما يميز النظرة الرسمية إلى مكتبات الغد، هو أنها تحولت من المخازن إلى الإتاحة المطلقة، لتكون صروحاً حياتية وإنسانية أصيلة وراسخة في تاريخ الأمم والشعوب.

توصيات

عقب الندوة، بدأت جلسة العصف الذهني، حيث تركزت النقاشات حول 6 محاور: المكتبات وأدب الأطفال، المكتبات والتعليم التقليدي والذاتي، المكتبات والإبداع، المكتبات وربطها بالقطاعات الحيوية للمجتمع، المكتبات والمستقبل، وأخيراً المكتبات والإعلام وتقنيات التواصل.

وخرج المشاركون بعدد من التوصيات المهمة التي تسهم في ترسيخ دور «مكتبات الشارقة» جهة ثقافية معنية بخدمة مجتمع المعرفة، وتكريس دور الكتاب في حياة الناس، حيث اقترح المعنيون بمحور «المكتبات والتعليم» تقديم خدمات المكتبات في البيئة الرقمية، وعقد شراكات مع دوائر المعرفة الخارجية المعنية بالشؤون التعليمية.

وأكد المشاركون أهمية التواصل الفعال مع المستفيد من خلال وسائل التواصل، وتوفير التدريب والتعليم المستمر للكوادر البشرية، إضافة إلى تأسيس مركز بحثي في المكتبة العامة يعنى بالدراسات المرتبطة بالتحديات والقضايا الناشئة في مجال المكتبات، كما لفتوا إلى أهمية تحويل المكتبة إلى مراكز منتجة للمعرفة، والتي يطلق عليها «مختبرات الابتكار».

وفي محور «المكتبات وأدب الطفل»، اقترح المشاركون في الجلسة الترويج للمكتبة والقراءة لدى الأطفال منذ المراحل الأولى، وذلك بالتنسيق مع الأسرة، وإعداد مبادرات ومشاريع تحول المكتبات إلى بيئة جاذبة للأطفال، عن طريق تبني المكتبات لمواهبهم وهواياتهم وممارستها في المكتبات، وتفعيل دور المكتبات المدرسية لأداء دورها على أكمل وجه.

وركَّزت التوصيات على تبني نوادي قراءة للأطفال، كما اقترحت تصميم شخصية مبتكرة بمنظر محبب للأطفال تعبِّر عن المكتبات ويرتبط بها الأطفال كرمز وشخصية يسعد الصغار بلقائها، وتستقبلهم في المكتبة والفعاليات التي تستهدف فئة الطفولة، مع أهمية إيلاء ذوي الاحتياجات الخاصة الأهمية، ودمجهم مع نظرائهم في مبادرات القراءة.

دمج

اقترح المشاركون في محور «المكتبات والإبداع» دمج المكتبة التقليدية مع نماذج المكتبات المتطورة، لخلق نموذج جديد ومتطور من المكتبات، وإتاحة المقتنيات التي تحتويها المكتبات الخاصة بكبار المفكرين والأكاديميين والأدباء أمام الجمهور للاطّلاع عليها، كما اقترحت المجموعة ضرورة تطوير مراكز بيع الكتب، إضافة إلى إدخال عنصر «الإقبال على المكتبات» ضمن نظام تقييم الأداء للموظفين.

وضمن محور «المكتبات والمستقبل»، تحدث المشاركون حول تأسيس وحدة لدراسات المستقبل، ليكون تطوير المكتبات مبنياً على مبادئ علمية راسخة، ووضع مقاييس معيارية لمدى مواءمة الواقع الحالي للمكتبات مع أفضل الممارسات العالمية لمواكبتها والتفوق عليها، وتحويل جميع نشاطات المكتبات إلى الواقع الافتراضي بموازاة الواقع الحقيقي، بحيث تكون هناك معارض كتب وأندية قراءة وثقافة عامة افتراضية.

وأكدت التوصيات ضرورة تجاوز مفهوم وأدوار المكتبة لتكون أكثر من مكان للقراءة، بأن تحتضن حفلات توقيع الكتب، والفعاليات الثقافية، وتأخذ الطابع الاجتماعي أكثر من الطابع المعرفي، لتحويل المكتبة من مكان لتبادل الكتب إلى مكان لتبادل الأشياء، وذلك عبر إيجاد مبادرات من شأنها أن تسهم في التواصل الثقافي بين رواد مكتبات الشارقة والقراء من جميع الثقافات والجنسيات.

وفي محور «المكتبات وربطها بالقطاعات الحيوية للمجتمع»، نوه المشاركون في جلسة العصف الذهني بأهمية الشراكات بين المكتبة والجهات الأخرى، ولاسيما المراكز الثقافية ومراكز الطفولة، والجمعيات والنوادي الثقافية والجامعات، بحيث تكون هناك شبكات تواصل بينها وتحالفات استراتيجية لتأسيس مبادرات مشتركة، وإتاحة خدمات المكتبات رقمياً عبر روابط يتم الاشتراك بها للدخول إلى محتويات المكتبة.

استثمار

وفي محور «المكتبات والإعلام وتقنيات التواصل» أجمع المشاركون على ضرورة استثمار المكتبات العامة للإعلام بكافة أشكاله، حيث يمثل الإعلام واحداً من أهم مقومات تعزيز الفعل الثقافي ورفع الوعي بأهمية القراء، كما أكدوا أهمية تبني وسائل الإعلام منهجاً متكاملاً للعناية بالثقافة والتشارك مع «مكتبات الشارقة» لأداء رسالة الشارقة الثقافية التي تنعكس على كافة الدوائر والجهات والمشاريع التطويرية للإمارة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"