زلات لسان بايدن

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

«لماذا تعتبر تصريحات بايدن الارتجالية حول بوتين في غاية الخطورة؟»، هكذا تساءلت «بي. بي. سي» قبل يومين، وهي تناقش ما قاله الرئيس الأمريكي في الكلمة التي ألقاها في بولندا مؤخراً، ودعا فيها، أو كاد، إلى عزل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من منصبه، وفي اليوم نفسه، وصف بايدن نظيره الروسي بأنه «جزار».
أثارت تلك التصريحات غضباً في موسكو. وهذه ردة فعل متوقعة. لكن ليس المسؤولون الروس وحدهم من أغضبتهم تصريحات بايدن التي بدت متجاوزة لكل ما وصف بـ«الخطوط الحمر» في العلاقة بين دولتين كبيرتين، تكادان تكونان متكافئتين في القوة العسكرية النووية، «فهناك خط فاصل بين إدانة زعيم أمة - والدعوة إلى إقالته»، فهذا خط أحمر احترمه كل من الأمريكيين والسوفييت، حتى في ذروة الحرب الباردة، ويأتي تصريح بايدن موضع الاستهجان في وقت تجري فيه، على قدم وساق، جهود دبلوماسية متواصلة لوقف الحرب الدائرة في أوكرانيا، حتى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حذّر من أن الرئيس الأمريكي يعرّض مفاوضات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا للخطر.
ليس ماكرون وحده من حذّر من تبعات تصريح بايدن. حلفاء آخرون للولايات المتحدة حاولوا النأي بأنفسهم عن ذلك التصريح، فيما سعى بلينكن، وزير الخارجية في إدارة بايدن، لتدارك الموقف بالتخفيف من حدة تصريحات رئيسه، وقبله أوضح مسؤول في إدارة بايدن أن «وجهة نظر الرئيس هي أنه لا يمكن السماح لبوتين بممارسة سلطته على جيرانه أو المنطقة»، ساعياً لتجاوز ما قاله بايدن حول تغيير سلطة بوتين في روسيا.
ردّ أقسى على بايدن أتى من داخل واشنطن نفسها، على لسان جيم ريش، العضو الجمهوري البارز في الكونجرس الذي وصف تصريحات بايدن بأنها «زلة مروّعة»، مضيفاً: «يا إلهي، أتمنى أن يبقوه ملتزماً بالنص.. في أي وقت تقول فيه أو حتى تشير، إلى أن السياسة تهدف لتغيير النظام مثلما فعل بايدن، فسوف يتسبب ذلك في مشكلة كبيرة».
عضو الكونجرس هذا وصف تصريح بايدن بالزلة، ولا بأس من التذكير هنا بمقولة لعالم النفس الشهير فرويد، عرّف فيها زلة اللسان بأنها: «ما يخطئ به الناس قبل أن يصبح خطأهم فعلاً»، وعليه يمكن القول إن زلات اللسان هي تعبير عن التفكير الكامن في ذهن الإنسان، وهذا ما ينطبق على رغبة بايدن الحقيقية في ألا يستمر بقاء بوتين في الكرملين، لكن حين يتعلق الأمر بالسياسة، وبالعلاقة مع دولة مثل روسيا، فإن الرغبات الدفينة، حتى لو زلّ بها اللسان، ليست سوى أضغاث أحلام لا يجدر بسياسي محنك، أن يصدقها، فضلاً عن أن يجاهر بها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"