عادي

العالم يطارد «أشباح كورونا»

22:50 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - بنيمين زرزور:

توحي الأرقام المتصاعدة في أعداد الإصابات بمتحورات جديدة من فيروس كورونا والتي كان آخرها متحور «BA.2»، بأن بعض دول العالم التي سارعت للإعلان عن رفع القيود وعودة الحياة إلى طبيعتها، قد تسرعت. إلا أن التقارير الرسمية التي تصدر عن السلطات الصحية وعن منظمة الصحة العالمية تميل لصالح إعلان الخلاص على الرغم من ظهور «أشباح» الفيروس هنا أو هناك.

تزايدت حالات الإصابة بمتحورات فيروس كورونا في العالم في الآونة الأخيرة، وسط تزايد عدد الحالات في أوروبا الذي يُعزى إلى انتشار أحد المتحورات «الشبح» من سلالة أوميكرون.

فقد زادت حالات الإصابة بالفيروس بشكل كبير في المملكة المتحدة في الأسابيع الأخيرة، بينما تواصل ألمانيا تسجيل رقم قياسي للعدوى اليومية بأكثر من 250 ألف حالة جديدة. وتشهد فرنسا وسويسرا وإيطاليا وهولندا أيضاً ارتفاعاً في عدد الإصابات مرة أخرى، وربما يعود ذلك للمسارعة في تخفيف الإجراءات الاحترازية وانتشار نوع جديد من أوميكرون يعرف باسم BA.2.

ويراقب مسؤولو الصحة العامة والخبراء في مختلف الدول، المتحور الجديد عن كثب، والذي تم وصفه على أنه متحور «شبح» لأنه يحتوي على طفرات جينية يمكن أن تجعل من الصعب التمييز بين متحور دلتا باستخدام اختبارات PCR، مقارنة بمتحور أوميكرون الأصلي BA.1. والمتحور الفرعي الجديد هو الأحدث في سلسلة طويلة ظهرت منذ أن بدأ الوباء في الصين في أواخر عام 2019.

مراقبة المتحور الجديد

ويعتقد العلماء بأن درجة العدوى في المتحور BA.2 تزيد مرة ونصف المرة عن سلالة أوميكرون الأصلية. ويعتبر BA.2 مسؤولاً الآن عن أكثر من نصف الحالات الجديدة في ألمانيا ويشكل حوالي 11٪ من الحالات في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم أكثر، كما هو الحال في أوروبا.

وقال لورانس يونغ، أستاذ علم الأورام الجزيئي في جامعة وارويك: «من الواضح أن BA.2 أكثر قابلية للانتقال من BA.1 خاصة أنه تزامن مع تخفيف تدابير الوقاية وتراجع المناعة. ومن المحتمل أن نشهد موجات مماثلة من العدوى مع انتقال المتحورات الأخرى إلى السكان».

وطالما استمر الفيروس في الانتشار والتكاثر، لاسيما في المجموعات السكانية غير الملقحة أو التي تتلاشى فيها المناعة التي يسببها اللقاح، فإنه سيخلق متحورات جديدة تظل تشكل تهديداً مستمراً حتى في البلدان ذات معدلات التطعيم المرتفعة.

وتتم مراقبة متحور BA.2 عن كثب من قبل منظمة الصحة العالمية وهيئات الصحة العامة المماثلة على المستوى الوطني، بما في ذلك وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة التي قالت إن المتحور «قيد التدقيق»، لكنه ليس مصدر قلق بعد.

ومع ذلك، أقرت منظمة الصحة العالمية في بيان الشهر الماضي، أن نسبة السلالات المبلغ عنها كانت تتزايد مقارنة بسلالات BA.1 في الأسابيع الأخيرة.

وتظهر البيانات الأولية أن BA.2 أكثر نشراً للعدوى في جهات الاتصال المنزلية، لكن لا يُعتقد حالياً بأنه يسبب مرضًا أكثر خطورة أو يحمل مخاطر متزايدة فيما يتعلق بالحاجة إلى دخول المستشفى، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد ذلك، وفقًا لتقرير برلماني بريطاني نُشر الأسبوع الماضي.

كما ارتفع عدد حالات الاستشفاء في عدد من الدول الأوروبية مع زيادة الإصابات بفيروس كورونا في الأسابيع الأخيرة، لكن الوفيات لا تزال أقل بكثير مما كانت عليه في الذروة السابقة بفضل تغطية اللقاح على نطاق واسع.

عالم منهك

وتثير هذه الإحصاءات مزيداً من الذعر في عالم أنهكه الوباء على مدى عامين؛ حيث كشف إحصاء لوكالة «رويترز»، عن أن أكثر من 477.44 مليون نسمة أُصيبوا بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، في حين وصل إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن الفيروس إلى ستة ملايين و492838 حالة.

وتم تسجيل إصابات بالفيروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر/كانون الأول 2019. وقد بلغت في الولايات المتحدة مثلاً 79985239 إصابة أسفرت عن 979846 وفاة وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالمياً من حيث نسبة المصابين إلى عدد السكان، تليها الهند التي بلغ عدد الإصابات فيها 43018032 حالة والوفيات 520855 نسمة. وجاءت كل من البرازيل وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا ضمن العشر الأوائل من حيث عدد الإصابات.

وتتصاعد الإصابات بالمتحور الأحدث BA.2 في عدد من الدول منها ألمانيا التي أعلنت عن تسجيل أكثر من 111 ألف إصابة و49 وفاة بفيروس كورونا في يوم واحد بحسب ما أعلنه معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية، يوم الأحد.

وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين عن تسجيل 1254 إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا يوم السبت الماضي مقابل 1335 في اليوم السابق.

وتأتي هذه التطورات المثيرة بعد عامين من بدء الإغلاق العام الأول في الولايات المتحدة؛ حيث تقترب البلاد من العودة إلى حياتها المعتادة. كما رُفعت آخر قيود كورونا المتبقية في إنجلترا في نهاية فبراير/شباط الماضي. وعادت جنوب إفريقيا إلى الحياة الطبيعية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الأمر الذي أنهى حظر التجول الليلي لأول مرة منذ نحو عامين.

وفي غياب القرار القطعي التخصصي بإعلان نهاية الجائحة ومع استمرار ظهور المتحورات قد تكون قرارات العودة إلى الحياة الطبيعية، ولو تدريجياً، التي اتخذتها بعض الحكومات متسرعة ما لم تكشف الأبحاث المخبرية والأيام المقبلة عن ما يرجح كفة الخلاص النهائي وبالتالي يبعث على الطمأنينة.

وتسهم طبيعة العلاقات الحالية بين الدول التي سارعت لتنشيط منافذ الحركة لدعم قطاعات السياحة وإنعاش الاقتصادات في منح متحورات الفيروس المستجدة فرصاً للانتشار ونقل العدوى، الأمر الذي يزيد من احتمالات تأجيل القضاء النهائي على الفيروس وبالتالي الانفتاح الاقتصادي الكلي.

ويبقى العالم في المرحلة الراهنة في حالة استنفار جزئي على الأقل وهو يواجه «أشباحاً» من المتحورات تظهر في بلد وتختفي في آخر، بينما تنشغل الدول الفاعلة في تطورات الحرب في أوكرانيا التي تحتل أخبارها الصدارة بينما تتراجع أخبار الوباء، على الرغم من تسلله إلى قلب التجمعات السكانية خاصة تلك التي تتراجع فيها القيود الاحترازية ليكمل دورة انتشاره إلى غيرها من الدول نتيجة التفاعل المستمر بين دول العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"