عادي

يا باغي الخير أقبل

23:55 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضر رمضان قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.. فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم» (رواه أحمد).

رمضان يفتح لك أبواب الجنان، وتصفد فيه أبواب النيران، والشياطين تقيد وتسلسل وتصفد، فبادر إلى الخير، واطرق هذه الأبواب بإلحاح حتى يفتح الفتاح، واثبت عليها حتى بعد أن يغادرنا رمضان وينزاح، واعلم أن الله يحب العبد الملحاح.

وإذا أردت أن تثبت على الخير فاصحب أهل الخير، وما يعز في آخر الزمان اثنان: درهم حلال وأخ صالح إذا نسيت ذكرك وإذا ذكرت أعانك. وكان أحد الصالحين يقول عن إخوانه: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر (بعد انتهائه) أن يتقبله منهم، وهذا صالح آخر، هو يحيى بن كثير، يصف لنا دعاء الصالحين فيقول: من دعائهم «اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً».

وكما قال أبو حنيفة النعمان رحمه الله: لا نبات بلا ثبات، وكما يقول عبد القادر الجيلاني في «الفتح الرباني»: «اثبت حتى تنبت». فلا فرع في السماء ولا أكل يتجدد إلا لمن أصله في أرض الاستقامة والاستواء ثابت.

لهذه الأبواب فلسفة ينبغي أن نعيها، فالصوم جنة، ليس عن الأكل والشرب والنكاح، وإنما صوم العين عن الخيانة، واللسان عن الحصائد، والعقل عن اللقطي الخليط من الأفكار، والنفس عن الأمر بالسوء وما تشتهيه من الطيبات إسرافاً وتبذيراً، وكل الجوارح عن إتيان ما حرم الله عليها. بهذا يكون الصوم جنة والوقاية خير من العلاج.

وفي الصدقة العلاج، وليس الصدقة فقط زكاة تؤديها في عيد الفطر، وإنما كان رسول الله أجود ما يكون في رمضان، كما أنه لم يصم شهراً تاماً إلا في رمضان، وإن كنا مميزين بصيامنا عن عامة الناس خارج رمضان فينبغي أن نكون مميزين في صيامنا بصيام التقوى داخل رمضان، وإن طلب إلينا أن نزكي النفس خارج رمضان فينبغي أن نزكي النفس، بالفتح، داخل رمضان.

والصدقة تطهر وتزكي،«خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

وفي رمضان تراويح وقيام، وفي رمضان ينبغي أن تكون أجود، وفي رمضان شهر صيام على التمام، فاحرص على إثبات هذا العمل، واعلم أن رمضان يعلمنا الله به أن العمل الجماعي المنظم هو المثبت والمعين، وكم من إنسان تدعوه إلى صوم يوم فيعجز، وإلى قيام ركعات قليلة فيكسل، وإلى التصدق ولو بشق تمرة فيبخل، لكن في رمضان الرحمات والبركات يتنافس الناس حتى العوام على هذه المكرمات، ويزاحمون الملتزمين بمناكب البكور والتهجير والعزم من الأمور.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"