العراق.. إلى أين؟

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ماذا يعني أن يفشل البرلمان العراقي للمرة الثالثة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن يظل هذا البلد العربي من دون حكومة بعد مضي ستة أشهر على إجراء الانتخابات النيابية؟

في جلسة يوم الأربعاء الماضي لم يكتمل النصاب القانوني للبرلمان، كما في المرتين السابقتين، من دون تحديد موعد جديد لانعقاده، على الرغم من أن المهلة الدستورية تنتهي في السادس من الشهر الجاري لانتخاب الرئيس، وإلا فعلى مجلس النواب أن يحل نفسه، وفي هذه الحال إما أن يصار إلى الدعوة لانتخابات جديدة وتشكيل حكومة طوارئ، وإما أن يدخل العراق في فراغ دستوري حيث كل الاحتمالات تصبح مفتوحة أمامه، وأخطرها الصراع الداخلي الذي قد لا يبقى سلمياً.

فالمدة الزمنية المتاحة أمام البرلمان لاختيار رئيس جديد يتولى تكليف «الكتلة الأكبر» بتشكيل الحكومة، لا تتجاوز الأسبوع، في ظل احتدام الخلاف السياسي الطائفي بين القوى التي فازت في الانتخابات حول شكل الحكومة، وخصوصاً بين الكتلتين الشيعيّتين: الأولى ممثلة في التيار الصدري الذي حصل على النصيب الأكبر في البرلمان (73 نائباً)، وبين «الإطار التنسيقي» الذي يضم «تحالف الفتح» و«دولة القانون»، و«تيار الحكمة» و«عصائب أهل الحق»، إضافة إلى القوى الحليفة للكتلتين من المكونات العراقية الأخرى (السنة والكرد).

المأزق في انتخاب الرئيس، حيث يتنافس 40 مرشحاً كردياً أبرزهم الرئيس الحالي برهم صالح (حزب الاتحاد الوطني)، وربير أحمد (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، يتمثل في قرار المحكمة الاتحادية العليا بأن يتم انتخاب الرئيس بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب؛ أي 220 نائباً من أصل 329 نائباً، وهو أمر صعب التحقق في ظل وجود «ثلث معطل» لدى «الإطار التنسيقي» يستطيع بسهولة، إفشال عملية الانتخاب، وهو ما حصل في الجلسات الثلاث السابقة.

لم يحدد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي موعداً جديداً لانتخاب الرئيس، فيما دعا الرئيس الحالي برهم صالح، جميع الأطراف السياسية إلى «حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة»، ودعا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى «تجاوز العقبات والانسداد السياسي»، وتحدث هادي العامري رئيس «تحالف الفتح» المنضوي تحت لواء «الإطار التنسيقي» عن طرح مبادرة «مدروسة قيد البحث»، للخروج من الأزمة السياسية الراهنة والانسداد السياسي.

لكن سرعان ما رد مقتدى الصدر على العامري بالرفض المطلق لمبادرته، مؤكداً «لن أتوافق معكم. فالتوافق يعني نهاية البلد، لا للتوافق بكل أشكاله؛ لأن ما تسمونه الانسداد السياسي أهون من التوافق معكم، وأفضل من اقتسام الكعكة معكم، فلا خير في حكومة توافقية محاصصية»؛ بل أكثر من ذلك فقد وجّه الصدر كلامه إلى الشعب العراقي قائلاً: «أيها الشعب العراقي لن أعيدكم لمأساتكم السابقة، وذلك عهد غير مكتوب. فالوطن لن يخضع للتبعية والاحتلال والتطبيع والمحاصصة.. والشعب لن يركع».

هذا يعني أن الصدر قطع كل خطوط التواصل وإمكانية التفاهم مع «الإطار التنسيقي»، ودخل العراق في حالة فراغ تحمل في طياتها كل المخاطر.. إلا إذا حدثت معجزة في اللحظات الأخيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"