عادي
اسأل الخليج

تعرف إلى دين هاج نادي الإنسانية والغرائب

13:17 مساء
قراءة 6 دقائق
إعداد: معن خليل
لا يعد أدو دين هاج من الأندية صاحبة البطولات في كرة القدم الهولندية على غرار أياكس أمستردام وإيندهوفن وفيينورد الأكثر ألقاباً وسطوة على منصات التتويج، وهو يلعب في الموسم الحالي 2021 - 2022 في الدرجة الثانية، لكن الفريق الذي ينتمي إلى مدينة لاهاي كان الأشهر في السنوات الأخيرة من بقية مواطنيه بعدما تم التعريف به بنادي الإنسانية، وتضمنت قائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» اسمه في 2016، لينافس ضمن فئة أفضل «المشجعين»؛ وذلك بعدما قام جمهوره بلفتة إنسانية خلال مباراة جمعت فريقهم مع فيينورد في الدوري المحلي، حين رموا ألف هدية على أطفال مرضى كانوا ضمن حضور ذلك اللقاء.
وخسر جمهور أدو دي هاج المنافسة على جائزة «فيفا» لأفضل مشجعين في 2016 والتي ذهبت إلى مشجعي ناديي بوروسيا دورتموند الألماني وليفربول الإنجليزي، لإنشادهم معاً أغنية «لن تسير وحدك أبداً» الخاصة بالنادي الإنجليزي خلال لقاء جمعهما في 14 إبريل/ نيسان 2016 ضمن ربع نهائي مسابقة الدوري الأوروبي «يوروبا ليج»؛ وذلك ضمن إحياء ذكرى كارثة هيلزبوروه والتي راح ضحيتها العديد من مشجعي «الريدز».
ومنذ 2016 يقوم جمهور أدو دين هاج بإسعاد الأطفال المرضى، وعبرت مقدمة موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم في عرضها لأسباب اختيارها لجمهور نادي أدو دين هاج ضمن المرشحين بأفضل طريقة عندما جاء في الحيثيات ما يلي: «إذا سألت طفلاً قائلاً له، لو أردت أن تمطر السماء شيئاً تتمناه، ما هو؟ من المحتمل أن تكون الألعاب بين الإجابات الثلاث الأولى، وعلى الرغم من صعوبة تحقيق هذا الأمر على أرض الواقع، فإن مشجعي أدو دين هاج الهولندي قد جعلوا من هذا السيناريو مشهداً حقيقياً لمجموعة من المرضى من إحدى مستشفيات الأطفال».
ماذا حصل في 2016 ؟ اعتاد نادي فيينورد المنافس في تلك المباراة لفريق دين هاج أن يدعوا كل عام أطفالاً مرضى من مستشفى صوفيا في مدينة روتردام إلى مدرجات ملعبه «دي كويب» لينشر البهجة في نفوسهم، لكن ما لم يتوقعه هؤلاء الأطفال هذه المفاجأة السارة لهم، فبعد مرور 12 دقيقة من اللقاء الذي أقيم ضمن منافسات الدوري الهولندي، بدأت تصدر صيحات قوية من المدرج العلوي الذي يشغله مشجعو دين هاج، وقد ارتدوا ملابس زاهية وخضراء تدل على لون فريقهم الرسمي، قبل أن يرموا ألف لعبة باتجاه الأطفال الذين لم يصدقوا ما يحصل أمامهم، في مشهد نال الإعجاب وتم تداول صوره في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وتحدثت عنه الصحف الهولندية والعالمية، ليصبح النادي المغمور على صعيد المنافسة والعريق بتاريخه؛ حيث يعود تأسيسه إلى عام 1905 شهيراً بمبادرة مشجعيه الإنسانية التي لم تكن مسبوقة في فكرتها وتنفيذها.
ومنذ 20 عاماً يأتي الأطفال إلى ملعب فيينورد «دي كويب»، لكن للمرة الأولى وجدوا مثل تلك الإضاءة عليهم؛ وذلك بفعل مبادرة مشجعي أدو دي هاج؛ حيث تمت مشاهدة «فيديو» ما حدث في المدرجات عبر «اليوتيوب» مئات الآلاف من المرات بينما تلقت المستشفى التي تعتني بعلاج الأطفال طلبات لا حصر لها من الجهات الإعلامية حول العالم لإجراء مقابلات مع أفرادها، وقالت بلوم مسؤولة العلاقات العامة في مستشفى صوفيا للأطفال المرضى يومها: «بقينا نرد على الهاتف طوال الوقت لمدة أسبوعين عقب المباراة، بكيت بسبب هذه المشاعر الدافئة، لقد كان أمراً رائعاً».
نادي لاهاي
ولا يمكن حصر نادي أدو دين هاج بهذه الواقعة فقط؛ حيث إن قصصه الغريبة هي دائماً ما تطغى على نتائجه التي لا تعد جيدة، ويكفي أن آخر لقب رسمي حصل عليه كان في عام 2004، لكن هذا الإنجاز لم يكن في دوري الدرجة الأولى؛ بل في الثانية التي قضى الكثير من فتراته في مسابقاتها.
ولا يعد أو دين هاج نادياً صغيراً في هولندا؛ فهو ينتمي إلى منطقة كبيرة وغنية في البلاد، هي لاهاي؛ وهي ثالث أكبر مدن هولندا وتشتهر بأنها مركز للعديد من المنظمات الدولية التي تعد محكمة العدل الدولية أهمها.
ويطلق على دين هاج في الأغلب لقب اسم «نادي لاهاي» في دلالة على أنه يمثل مدينته وهو الأشهر فيها، وقد تأسس في عام 1905، ونشأ بعد 56 عاماً فريق آخر في المدينة هو إف سي دن هاج، وقد اندمج الفريقان في عام 1996، وقد لعب الطرفان من قبل في مصاف الدرجة الأولى عدة مرات على مدار العقود الماضية، كما شاركا في بطولات الأندية الأوروبية أكثر من مرة.
وتكمن الغرابة في النادي بأشياء كثيرة فاسمه الأول «أدو» هو اختصار لجملة «أليس دور أوفينينغ» ومعناها «كل شيء يأتي بالتدريب»، لكن هذه التسمية لم تنعكس إنجازات على الفريق، فعلى الرغم من التدريب الذي يقوم به لاعبوه بشكل مستمر كغيرهم من فرق كرة القدم، فإنهم لم يصعدوا منصات التتويج إلا نادراً وفي مناسبات قليلة جداً.
وأحرز أدو دين هاج لقب الدوري الهولندي عام 1942 وحافظ عليه في 1943 ولكن ذلك في عصر الهواية، قبل أن يغيب كلياً بعد ذلك عن منصة التتويج في البطولة الأهم، كما أنه لم يُعرف عنه أنه خرّج لاعبين مشاهير في هولندا على غرار أياكس وإيندهوفن وفيينورد، ويكفي أن ديك أدفوكات هو أحد أشهر اللاعبين الذين لعبوا في صفوفه، علماً أنه عُرف لاحقاً أكثر كمدرب حين قاد منتخب هولندا، وقد درب في 2021 منتخب العراق، ومن المشاهير القلائل أيضاً الذين مروا في تاريخ النادي هناك إرنست هابل الذي يعد أبرز مدرب نمساوي.
وهناك بعض المفارقات التي جعلت أدو دين هاج يلفت النظر بين الفترة والأخرى ومنها ما فعله حارس مرماه الدنماركي مارتن هانسن حين سجل عام 2015 هدفاً في مرمى إيندهوفن في الدوري الهولندي، عُدّ ضمن أفضل أهداف حراس المرمى على مر تاريخ كرة القدم.
وبدأت الحكاية عندما تقدم الحارس الدنماركي قبيل صافرة نهاية مباراة فريقه أدو دين هاج الذي كان خاسراً بنتيجة 1- 2، وعندما سنحت ركلة حرة لفريقه ترك هانسن مرماه ليشارك في الهجمة ليستثمر كرة زميله كينجي جوري ويسكنها بطريقة رائعة وبكعب قدمه في شباك حارس مرمى إيندهوفن جيروين زويت مسجلاً هدف التعادل 2- 2.
وفي مفارقة أخرى، فإن جمهور أدو دين هاج هو ضمن قلة من مشجعي الفرق الذين يقومون دائماً بأدوار اجتماعية عبر جمع تبرعات ومأكل وملبس للمحتاجين، كما أنهم يتمتعون بصداقات مع أنصار أندية أخرى في أوروبا؛ حيث تضم باقته يوفنتوس الإيطالي وكلوب بروج البلجيكي وليجيا وارسو البولندي وسوانسي سيتي الويلزي.
ويعد أمر هذه الصدقات غريباً، إذا إن مشجعي أدو دين هاج يشاركون في دعم هذه الأندية عبر هتافاتهم في ملعبهم ورفع أعلام تلك الأندية وشعاراتها أو السفر إلى ملاعب يوفنتوس وليجيا وبروج كلوب وسوانسي للوقوف خلفهم في بعض مبارياتهم.
وتعد علاقة مشجعي أدو دين مع جمهور ليجيا وارسو هي الأقدم وقد نشأت قبل نحو 36 عاماً، ووصل هذا الترابط إلى حد أن أنصار الفريق الهولندي شاركوا في جمع أموال لأحد مشجعي الفريق البولندي المعروفين وأمنوا له مصاريف علاجه في أمريكا؛ حيث كان بحاجة إلى إجراء عملية جراحية عاجلة للشفاء من مرضه الخطر.
أما العلاقة بين مشجعي دين هاج ونادي يوفنتوس فتعود إلى قبل 33 عاماً، وكثيراً ما يتواجد جمهور من مدينة لاهاي في ملعب فريق تورينو للوقوف خلفه، وقد احتفل هؤلاء في عام 2014 وخلال مباراة مع فيورنتينا بذكرى 25 عاماً على علاقتهما معاً.
أما العلاقة مع سوانسي سيتي الويلزي والذي يشارك في الدوري الإنجليزي فقديمة أيضاً، كما هي الحال مع بروج كلوب؛ حيث إن قرب المسافة بين هولندا وبلجيكا تجعل الجماهير يتبادلون الزيارات إلى ملاعب فريقهما للوقوف خلفهما ولاسيما في المباريات المهمة.
وحتى في 2022 لم تفارق النادي الغرائب، فقد تسببت العاصفة «يونيس» بأضرار كبيرة في بريطانيا وأوروبا، وكان من المتضررين من الأندية فقط ملعب أدو دين هاج، بعدما تعرض سقفه، كارز جينز، لأضرار قلعت أجزاء منه.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"