عادي

خوسيه يرو:الشاعر يكتب قصيدة واحدة

23:32 مساء
قراءة 3 دقائق
1

القاهرة: «الخليج»
يرى النقاد أن خوسيه يرو (3 إبريل 1922 – 21 ديسمبر 2002) أعظم شاعر في إسبانيا ما بعد الحرب الأهلية، ولعل نجاحه كشاعر لا يعود إلى أصالة كتاباته الشعرية، وعمقها الإنساني والأدبي فحسب، بل إلى تاريخه النضالي ضد الديكتاتورية، ودفاعه عن حقوق الناس وحريتهم، ودخوله السجن في سبيل ذلك، حتى أنه أصبح ناطقاً باسم الثورة، وفي شعره تغنى بالحب والحياة والوطن، وعبر عن معاناة المضطهدين.

خوسيه يرو شاعر إسباني ينتمي إلى ما يسمى الجيل الأول بعد الحرب العالمية الثانية، وتندرج قصيدته تحت ما يسمى شعر المشردين، وظل من خلال كتبه الأولى على هامش الاتجاهات السائدة، وقد وجد نفسه مجبراً على ترك الدراسة مع بداية الحرب الأهلية الإسبانية، ومع نهايتها اعتقل ووضع في السجن لانتمائه إلى «منظمة لمساعدة السجناء السياسيين» كان أبوه أحد هؤلاء السجناء، عامل التلغراف، الذي قطع الاتصال بين القيادة العسكرية وإحدى الحاميات، فحال ذلك دون تلقيها الأوامر، ودفع هو ثمن ذلك أربع سنوات في السجن.

جاء الدور على الابن الذي ألقي القبض عليه بتهمة تقديم العون للسجناء، وحكم عليه بالسجن 12 سنة، أمضى منها خمس سنوات، وتم الإفراج عنه، وقبل هذا التاريخ كانت قراءاته تسير في اتجاه كتابته قصصاً للأطفال، وقد كتب ثلاث روايات في ذلك التوقيت، وبعد أن وافقت إحدى دور النشر على طباعتها، رأى أن الطريقة الملائمة لتصحيحها هي رميها في سلة المهملات.

كان يميل إلى الرسم، حتى أن قصائده كانت مصحوبة برسومه، كما أنه يصف الأماكن والشخصيات في أشعاره بعيني رسام، ويستعمل ما يجده على الطاولة في المطاعم والحانات ليبدع رسوماته الجميلة، وقد عمل في ميادين مختلفة حيث كان مراقباً في إحدى الورش الصناعية، وفي الخمسينات انتقل للعمل في دار النشر الوطنية.

بدأ العمل بالدار موظفاً، ثم مكلفاً بالنشر، وانتهت مسيرته المهنية كموظف بالإذاعة الوطنية الإسبانية، حيث أعد برامج مهمة طبعت فضاء الشعر بإسبانيا في الثمانينات، واستمر عمله في الإذاعة حتى تقاعد في عام 1987.

1
خوسيه يرو

كان خوسيه يعتبر الشعر كلمات موسيقية، وأنه يستمد قوته وروحه الأصيلة في الإلقاء، وليس في القراءة الصامتة، وفي هذا الصدد يقول: «يحدد الإيقاع كيف ستتوالى الكلمات، ما يقوم به الشاعر عند النظم هو تذكر قصيدة نسيها، قصيدة لم يعد يذكر منها إلا الجرس والإيقاع».

يقول: «تتدخل الموسيقى في قصائدي، لأسباب متعددة، أولها لأنها تعجبني، ولأني أعتقد أن جزءاً كبيراً مما يحمله الشعر، وما يجعله يؤثر ويتجاوز المعنى كله، يمر عبر الإيقاع، يعني عبر سياقات موسيقية، ومن هنا يمكن اعتبار الشعر كلمات موسيقية، كما أنني أهوى الموسيقى في حد ذاتها، لأنك بسماعها تحس بأنك ممتد».

كان خوسيه يرو متشائماً من عدم القدرة على الكتابة في منزله، لذا كتب جميع أعماله في المقهى، والبعض من قصائده استغرق سنوات حتى يصل إلى شكلها النهائي، وظهرت أشعاره الأولى في العديد من الإصدارات، وتركت تجربة السجن، آثاراً لا تمحى في كتابته.

ولما سئل في مقابلة صحفية إلى أي اتجاه ينتمي شعره؟ أجاب: «أفضل تسميته شعراً، على الأقل هكذا أظنه يكون» وفي مناسبة أخرى قال: «المؤكد أنني لم أسع أبداً إلى أن أكتب هذا النوع من الشعر أو ذاك».

عرف خوسيه منذ بداياته الأولى كيف يطور أساليبه التعبيرية، دون تغيير نظرته للعالم وللحقائق، وكثيراً ما كرر في مناسبات عديدة أن أي شاعر عندما يكتب قصائده، إنما هو يكتب قصيدة واحدة، من هذا المنطلق يمكن اعتبار كل أعمال «خوسيه» قصيدة واحدة، تعبر عن هموم وتحديات وآلام وأفراح العصر الذي عاش فيه.

أصدر «خوسيه» دواوين منها: «ما أعرفه عني – تماثيل مستلقية – كتاب الهلوسات – بالحجر والرياح – فرح» وهذه الدواوين وغيرها أهلته للفوز بالجوائز الكبرى، ولما سئل عن سبب انقطاعه عن الشعر أجاب بعفوية: «يكتب الشعر متى أراد هو ذلك، وليس متى أراد الشاعر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"