دور مهم للإمارات في سوريا

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد نور الدين

قد لا تفاجئ زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، والالتقاء بكبار المسؤولين هناك، بعض صانعي القرار في البلدين، لكن الأمور بخواتيمها، وما إذا كانت الزيارة ونتائجها ستنعكس إيجاباً على «المسألة السورية» المتشعبة والشائكة.

 صحيح أن الحرب في سوريا تتصل بعدد كبير من الدول ومنها روسيا والولايات المتحدة، لكن الدولة الأساس في تغيير مجاري الحرب منذ بدايتها هي تركيا ذات الحدود الطويلة مع سوريا والتي تقارب ال 911 كيلومتراً. وعبر هذه الحدود كانت تركيا تنحاز إلى المعارضة السورية، وتأخذ طرفاً دون آخر، وتعلن أن مشكلة سوريا «شأن داخلي تركي». وتطورت الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه واحتلت تركيا أجزاء من سوريا، بذريعة محاربة «الإرهاب الكردي». لكن الذي يجري داخل الأراضي السورية المحتلة، يؤشر إلى تغييرات جذرية في تركيبة البنى الاجتماعية بكل أبعادها لمصلحة الانحياز للثقافة التركية.

 وبما أن العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة قد عادت إلى طبيعتها بعد لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإن الآمال معلقة على جهود الإمارات، لدفع الجانب التركي إلى سلوك طريق الدبلوماسية، لحل المشكلات بين دمشق وأنقرة.

 ولا شك أن العلاقات التركية – السورية شديدة التعقيد، فهناك الجانب الأمني والتواجد التركي في أجزاء من سوريا، وضرورة إنهاء هذا التواجد من دون قيد أو شرط، مع الأخذ بالاعتبار الهواجس الأمنية لتركيا كما أيضاً لسوريا. فمن «الأخطاء الشائعة» أن الخطر يأتي دائماً من الجانب السوري وهذا غير صحيح. فعلى امتداد الأزمة السورية كان المسلحون يتدفقون إلى سوريا من أربع مناطق عبر تركيا، ولم تتعرض الأراضي التركية لأية هجمات من داخل الأراضي السورية. والتدخل العسكري التركي إنما جاء «استباقاً» لأوهام تتصل بالأكراد، فإذا كانت تركيا تخشى من حكم ذاتي لأكراد سوريا، وهذا غير واضح أو مؤكد أو حاصل، فإنه في النهاية يعد شأناً داخلياً سورياً قد يحصل وقد لا يحصل. وإذا كان هذا الخوف في محله، فلماذا لم يتدخل الأتراك لمنع الحكم الذاتي في العراق ومن ثم الفيدرالية؟ بل أقامت أنقرة علاقات قنصلية مع أربيل واعترفت بالوضع القائم هناك.

 إن دور الإمارات في هذا الموضوع مهم جداً لجهة إقناع تركيا بالانسحاب، وتوقيع اتفاقية أمنية بين تركيا وسوريا، تحل محل اتفاقية أضنة، تراعي المخاوف الأمنية للطرفين، وليس لطرف واحد هو تركيا كما هو في اتفاقية أضنة.

 ولا شك أن قضية المسلحين الأجانب في إدلب، مشكلة كبيرة، لأن تركيا تحتفظ بهم، لاستخدامهم عند الطلب؛ حيث تقتضي حاجتها إليهم. وعلى تركيا أن تدرك أن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا النحو كأن الأراضي السورية مستباحة، لا صاحب لها. فهؤلاء في النهاية يشكلون قنبلة موقوتة ستنفجر بوجه تركيا إذا لم تسارع إلى حلها قبل فوات الأوان.

لا يمكن تحميل الإمارات مسؤولية حل مشكلة كبيرة أصبحت دولية مثل القضية السورية، لكن عودة العلاقات على أعلى مستوى بين دمشق وأبوظبي يجب أن تكون بوابة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وعودة العرب لاحتضان سوريا ومساعدتها على مواجهة التحديات الاقتصادية، وعودة اللاجئين، فضلاً عن العمل لسحب القوات الأجنبية غير الشرعية منها.

إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ليس منّة؛ بل هو حق وهو يسهم في تعزيز دور الجامعة، لتكون منظمة تعزز الاستقرار الإقليمي وليس العربي فقط.

إن اللقاءات على مستوى القيادات كما حصل بين سوريا والإمارات يجب أن تتكرر وتتعدد وتشمل أكثر من عاصمة، ويجب أن تظهر نتائجها بصورة ملموسة وعملية وسريعة وليس أن نبقى كل مرة في الانتظار، لنحصد مجدداً الأوهام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

باحث ومؤرخ متخصص في الشؤون التركية .. أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية.. له أكثر من 20 مؤلفاً وعدد من الأبحاث والمقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"