عادي
مفاهيم كونية في القرآن

الحقيقي والمرئي

23:19 مساء
قراءة 3 دقائق

أ.د. حميد مجول النعيمي *
الكون الحقيقي هو كل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر» القمر 49، ويتألف من: 72% طاقة مظلمة ( محتمل هي المسببة لتسارع تمدد الكون ) و23% مادة مظلمة (نلاقي صعوبة برصد محتواها) و 4% غازات الهيدروجين و الهليوم الحرة و0.5% نجوم وكواكب و0.3% نيوترونات و 0.03% عناصر ثقيلة.

وبالتالي بالنسبة لنا نحن البشر على سطح هذا الكوكب الصغير وبتعاملنا مع أحدث تقنيات يومنا، نستطيع أن نرى ونرصد مختلف الأجرام السماوية ضمن الكون المرئي ( قد يكون السماء الدنيا والله أعلم)، أي ضمن ال 5% من الكون الحقيقي (قد يكون السماوات والله أعلم ). وبذلك فإن المجرات والنجوم والكواكب والأقمار....الخ من أجرام سماوية مختلفة نرصدها ضمن الكون المرئي الذي بدأ قبل 13.78 مليار سنة تقريباً منذ لحظة الانفجار الكبير (الفتق الكبير). وقد صدق الله سبحانه وتعالى عندما قال في كتابه الكريم: «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ» الأنبياء 21.

يحتوي الكون المرئي (يعادل 5% من الكون الحقيقي) على ما يقارب مليار حشد مجري، وكل حشد مجري يتألف من 100 – 150 مجرة (والفضاء بين الحشود المجرية وبين المجرات وبين النجوم نفسها مملوء بالأنسجة الخيطية من الغازات والأتربة الكونية بمعنى لا وجود للفراغ في الكون لأنه محبوك ومملوء بالمادة والطاقة «والسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ».

إن هذه المجرات مختلفة في حجومها وعدد نجومها وكواكبها، فإنها تتراوح بين المجرات القزمة إلى العملاقة. تحوي المجرات القزمة ما يقارب 10 مليونات نجم بينما تحوي الضخمة ما يقارب 1000 مليار نجم (مجرتنا «درب التبانة» تحوي 100 – 200 مليار نجم) وبذلك يقدر عدد نجوم الكون المرئي بما فيها الشمس بحدود 30000 × مليون × مليون × مليون نجم تقريباً يضاف إليها مليارات x مليارات الكواكب والأقمار والأجرام السماوية الأخرى.

والمعروف فيزيائياً وفلكياً أَنَّ الكون في الوقت الحاضر في وسع، وهذا الوسع في تسارع (تتناسب سرعة ابتعاد المجرات بعضها عن بعض طردياً مع البعد بينها)، «وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ» الذاريات47. أما بالنسبة إلى مستقبل الكون المرئي، فإن الدراسات الفلكية والفضائية تشير إلى أن الكون إما يستمر بالتوسع أو ينكمش ويعود كما كان قبل «الانفجار الكبير»؛ لأن النجوم تولد من الغازات الخفيفة والأتربة المنتشرة في فضاء ما بين النجوم، ثم تموت هذه النجوم بعناصر ثقيلة وتتحول إما إلى أقزام بيضاء أو نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء حسب كتلة النجم «فالصغيرة منها مثل الشمس تتحول وتموت كأقزام بيضاء أما الكبيرة فتتحول وتموت كنجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء». وهذه الأجرام السماوية بسبب جاذبيتها الكبرى، فإن القريب بعضه من بعض يتصادم ويتجاذب، وستأكل وتبتلع المواد التي حولها وتتحول إلى ثقوب سوداء كبيرة وذلك يزيد من كثافة الكون ( هي حالياً 30% تقريباً من كثافة الكون الحرج أي التي يتوقف عندها تمدده)، فإذا كبرت كثافة الكون وزادت لتكون أكبر من الحرجة فإنه يصل إلى أقصى حجم له، ويتوقف عن التسارع والتمدد ثم يعود إلى الانكماش والتقلص وحينئذٍ إلى الانسحاق والتكدس، ثمَّ يتكاثف ويسخن مرة أخرى ليعود إلى ما كان عليه سابقاً، وهذا ما يسمى بالتقلص والتكدس أو الانسحاق الكبير أو الرتق الكبير، أي عملية رتق الفتق، إعادة الكون إلى ما كان عليه سابقاً قبل الفتق أي ينطوي الكون على نفسه.

«يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ» الأنبياء 104

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"