عادي
بناء الوعي

حماية الصالح العام

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

التوازن بين الحق العام والحق الخاص يمثل ضرورة من أهم ضرورات بناء الدولة المعاصرة، وفق د.عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والخلل في التعامل بين هذين النوعين من الحقوق من أسباب ضعف المجتمعات، الأمر الذي يؤكد أن الوعي بالحق العام ضرورة لقوة الوطن، وأحد أسباب تقدم الأمم والمجتمعات.

يقول النجار: لذلك ينبغي أن يمتد الوعي لبيان أهمية حماية الحق العام، لأنه إذا كان الحق الخاص محدود النفع ولا يتجاوز نطاقه حدود الفرد لنفسه ولأسرته، فإن العام نفعه لجميع الناس، ليجد كل واحد منهم قدراً منه، بل إن الحق العام يمثل السياج الذي يحمي الحقوق الخاصة، ويهيئ للناس فرصة الانتفاع بكل الحقوق التي قررتها الشريعة الإسلامية. والحق سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم «وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» الآية (56) سورة الأعراف.

ويضيف: حماية الصالح العام والمرافق العامة للوطن، توفر للفرد منافع عديدة لا يقدر علي توفيرها بقدرته الفردية، لأن المرافق العامة ليست ملكية فردية، بل هي ملك لجميع أبناء الوطن، والحفاظ عليها واجب شرعي وضرورة وطنية. وبناء الوعي فيما يخص التعامل مع المرافق العامة أمر في غاية الأهمية، ولابد أن يمتد الوعي لتناول قضايا الصالح العام، لأن الحفاظ عليه يؤدي لدفع عجلة التنمية ويعود بالنفع على الجميع. ويجب الحفاظ على الممتلكات العامة بقدر الحفاظ على الخاصة، لأن المرافق العامة يستخدمها الجميع، وتحقق الراحة والطمأنينة والسكينة لجميع أفراد المجتمع، وينبغي على وسائل الإعلام تناول هذا المحور في قضية بناء الوعي، لكونه محوراً رئيسياً في سبيل حماية الأوطان والحفاظ عليها.

يؤكد د.عبدالله النجار أن المال العام مملوك لكل أفراد المجتمع، وإذا كلف شخص بحمايته وتنميته فإنه لا يقوم بذلك باعتباره مالكاً له، بل بوصفه موظفاً يقوم بوظيفته نظير أجر يتقاضاه. ويقول: اختصاص الموظف بالقيام على رعاية المال العام قد يدفعه، إذا لم يكن صاحب ضمير يقظ، إلى الطمع فيه ونهبه، ليتحول من مال عام إلى خاص يستأثر الموظف بعوائده، وهذه جريمة في حق المجتمع، وهذا يؤكد أن بناء الوعي لا يعني فقط الوعي الديني والثقافي، بل يمتد لكل المجالات في المجتمع.

يشير د.عبدالله النجار إلى أن التشريع الإسلامي قرر عدة أمور لحماية الحق العام، لكن يبدو من أهمها أمران يبرزان أهمية هذا الحق، ويؤديان إلى حمايته وإشعار الناس بمكانته. ويقول: هذان الأمران هما تحقيق مقصود الله في استخلاف الإنسان، وتوفير أسباب الحياة الكريمة للأجيال القادمة.

ويوضح أن الشريعة الإسلامية حملت الكثير من المعاني التي توضح عقوبة الاستيلاء على المال العام، الأمر الذي يؤكد أهمية تلك القضية وأن تكون ضمن جوهر خطط بناء الوعي في المجتمع، ويلفت إلى قول الحق سبحانه «وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ». ويوضح أن لفظ يغلل في الآية الكريمة معناه الخيانة في المال العام واستغلاله للثراء، وذلك كالرشوة، والإخلال بواجب الوظيفة والسرقة، مؤكداً أن ضياع المال العام بالإهمال يتحمله الموظف الذي لم يراع حق الوطن، وهذا يعني أن بناء الأوطان يتطلب بناء الوعي، لحماية الأجيال وغرس قيم العمل والإخلاص والتفاني لخدمة المجتمع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"