عادي
36 عاماً بدأها بالعمل في الإعلانات

محمد الأمين: «ابتسم أنت في الشارقة» أدهشتني

00:24 صباحا
قراءة 4 دقائق
في معرض أسبوع المرور 1989
في أول تحقيق صحفي ميداني بسوق السمك القديم بالشارقة 1988
مع العاملين بقسم اللوازم وصيانة المباني بشرطة الشارقة 1987
  • التحقت بالعمل في الإعلام الأمني بالشرطة 1987
  • البيوت القديمة كانت تشكل معظم أحياء المدينة

الشارقة: جيهان شعيب

36 عاماً قضاها الإعلامي السوداني محمد الأمين، في الإمارات، منذ وفد من دولته إلى الشارقة عام 1986، باحثاً عن موقع في بلاط صاحبة الجلالة، لامتلاكه ناصية الكتابة الصحفية، وحسن التعبير، وتميزه بخط جميل، فقد بدأ بمجرد وصوله بالتعرف إلى عدد من محال الخطاطين، التي كانت منتشرة في منطقتي المصلى، وأم الطرافة في مدينة الشارقة، وزاول العمل في الإعلان. ومن ثم التحق بالعمل في قسم الإعلام الأمني بشرطة الشارقة في عام 1987، وشارك في تأسيس وحدة العلاقات العامة فيها.

1
محمد الأمين

عن البدايات، والذكريات، والشارقة قديماً، يقول: الكثير من التغيرات طرأت على مدينة الشارقة خاصة، والإمارات عامة، منذ وفدت إليها منتصف ثمانينات القرن الماضي وتحديداً في عام 1986؛ حيث كانت الشارقة لا تزال في مرحلة البناء، والتطوير، وتأسيس البنى التحتية.

وأول ما استرعى انتباهي مما شاهدته كان جسر العروبة، وعلى جانبيه غطاء نباتي من الحشيش الأخضر، كتب عليه عبارة «ابتسم أنت في الشارقة».

وفي أول عهدي بالشارقة أقمت في منطقة الرولة، التي تجاورها منطقتا أم الطرافة، والمصلى؛ حيث تعرفت إلى عدد من محال الخطاطين التي كانت منتشرة فيهما. وقدر لي في البداية أن أزاول العمل في الإعلان، عبر محل صغير أسّسته، بمشاركة أحد الإخوة المواطنين. ولكن لم يقدر لنا أن نستمر طويلاً في هذا النشاط؛ حيث التحقت بالعمل في مجال الإعلام الأمني بشرطة الشارقة عام 1987، وأمضيت فيها سنوات طوال، أضافت إلى تجربتي الصحفية والإعلامية الكثير، وذلك بعد مشاركتي في تأسيس وحدة العلاقات العامة، ومن هذه الزاوية تبلورت فكرتي عن الأمن في مدينة الشارقة، وفي الدولة عامة، التي كانت ولا تزال تنعم بدرجة كبيرة من الأمن، والأمان.

1
«الجريوي» أول مركز تجاري تحت الإنشاء بالشارقة 1987

ازدهار تجاري

يتذكر محمد الأمين، أن الشارقة كانت مدينة صغيرة، تشكل البيوت العربية القديمة معظم أحيائها، في حين تناثرت بعض البنايات المتعددة الطوابق في عدد من المواقع، من بينها شارع العروبة، وشارعا الوحدة، وعبد الناصر، اللذان كانت تسكنهما جاليات عربية معظمها من بلاد الشام، منهم اللبنانيون الذين أتوا للدولة بفعل الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي، والفلسطينيون والسوريون الذين نشطوا في ميدان التجارة، والأعمال إلى جانب المصريين، والسودانيين وغيرهم من العرب. ولهذا تميز شارعا الوحدة، وجمال عبد الناصر بازدهار النشاط التجاري، من انتشار محال الملابس، وبيع الحلويات، والمطاعم، وغيرها من المحال التجارية، التي كان يتقاطر عليها الزوار، والمتسوقون، من جميع إمارات الدولة وخاصة عند نهاية الأسبوع؛ حيث كانت المنطقة تشهد ازدحاماً كبيراً.

ويقول: إلى جانب ازدهار النشاط التجاري في منطقة الرولة، وكانت المحال التجارية، التي يعود معظمها للآسيويين، تشغل أرضية المباني القديمة، وتتصدر واجهات معظمها لوحات خشبية تحمل أسماءها، باللغتين العربية والإنجليزية، عدا قلة بلوحات بلاستيكية، وحينذاك لاحظت وجود أخطاء لغوية كثيرة في هذه اللوحات - التي قدر لي فيما بعد، أن اكتب عنها، وألفت النظر إليها في مجلة «الشرطة»، بعد انضمامي للعمل بشرطة الشارقة، لأنها طمس للهوية العربية لهذه المدينة - وعلى إثر ذلك نظمت بلدية الشارقة مهنة الإعلان، واشترطت تقديم نموذج مكتوب للوحة الإعلانية المراد تنفيذها، من محال الخطاطين الآسيويين، المنتشرة في المدينة، مع مراجعتها من خطاط عربي، عيّنته البلدية خصيصاً لهذه المهمة.

مدينة العائلة

خلال تلك الحقبة، وبسبب انتشار الحدائق والمتنزّهات العامة في مدينة الشارقة، التي لم تكن متوافرة في كثير من مدن الدولة، عرفت الشارقة بأنها مدينة العائلة، حسب محمد الأمين. ويقول: كانت العائلات تتوافد عليها من جميع إمارات الدولة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتجتمع في ميدان الاتحاد، وحديقة ميدان الرولة، وساحل البحر. ويلتقي الأقارب والأصدقاء؛ حيث يمضون النهار، وقسطاً من الليل في تبادل الأحاديث، والسمر، في حين يتجه بعضهم للتسوق في شارع الوحدة.

وتعرفت خلال رحلتي إلى كثير من الإخوة المواطنين، ونشأت بيني وبينهم الكثير من العلاقات والصداقات التي لم تتوقف على الشارقة وحدها؛ بل امتدت إلى مختلف مناطق الدولة ومدنها، ومن هنا كان الأثر الثقافي والاجتماعي المتبادل؛ حيث دخلت الكثير من مفردات اللهجة المحلية على قاموس لغتي، في حين انتقلت بعض مفردات لهجتي إلى بعض من عاشرتهم، وعشت بينهم من أبناء الدولة وأصبحت «الزول»، و«الربع»، و«الحرمة» و«الريّال» بعض أدوات المناداة، والتعريف بيني وبينهم، كما تبادلنا أصناف الطعام، أكلوا الفول، وشربوا «الحلو مر» في رمضان، وأكلت «الهريس»، وتداويت بالعسل، و«الحلول»، وتشاركنا الأفراح مع «المعرس»، وطفت على المعزّين، وأهل المتوفى في سرادق العزاء. كما قرأ بعضهم «الفاتحة» معي في الأتراح.

وعاصرت بداية التحول الكبير، والنهوض بإمارة دبي، وحضرت سباقات الزوارق على شاطئ الجميرا، وحفلات الشواطئ وأحسست بالحزن لرحيل (حمد بو هليبة)، وسهرت مع تلفزيون دبي وأحمد بن الشيخ، وقناة (33) الإنجليزية، وفي مدينة العين اشتريت القماش من سوق الأفغان، والباتان تحت جبل حفيت، وصعدت إلى «المبزرة»، وأكرمني الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مع الجموع بطعام العشاء، وغسلنا أيدينا بالماء الحار المنساب من أعلى الجبل، ونالني ما نالهم من كرم العطاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"