سلام لو صدق الحوثيون

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بشارة خير أن تتوصل الأطراف اليمنية إلى هدنة إنسانية في مستهل شهر رمضان الكريم، فهذه الخطوة المنتظرة من سنوات ستستمر شهرين ويمكن البناء عليها للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الحرب ويجلب السلام إلى الشعب اليمني الذي طحنته الأزمات والصراعات ويأمل أن يطوي هذه الحقبة السوداء ويمضي إلى المستقبل متحرراً من الأحقاد والضغائن والثارات حتى يضمن الحياة الكريمة لجميع أبنائه.
ميزة الهدنة المعلنة، التي باركتها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمات إقليمية، أنها تتزامن مع المشاورات اليمنية - اليمنية الجارية في الرياض تحت رعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتلقى دعماً دولياً واسعاً. كما أنها تسمح للشعب اليمني بالتقاط أنفاسه بعد سنوات طويلة من المعاناة والخوف والقلق، وتمنح أطراف الصراع فسحة من الوقت تمكنها من مراجعة حساباتها وبناء خياراتها عسى أن تهتدي إلى الأجدى والأنفع للشعب والبلد والمنطقة. 
كل الأطراف اليمنية بما فيها الحوثيون رحبت بإعلان الهدنة، وسط دعوات لصمودها في هذه المرحلة، لأن ذلك سيشيع التهدئة في أرجاء البلاد، ويجعل للمفاوضات السياسية المرتقبة معنى، لكن ما يزعج في الأمر أن الهوة ما تزال واسعة بين الحكومة اليمنية الشرعية وميليشيات الحوثي التي لم تردّ بالإيجاب على دعوتها إلى المشاركة في مشاورات الرياض، في حين حضر العديد من القوى والأحزاب والشخصيات، وهناك تفاؤل يتنامى بأن هذا الاجتماع اليمني في العاصمة السعودية يمكن أن يؤدي إلى خير بشرط أن تتنزه كل الأطراف عن الأحقاد وتنظر إلى المصلحة الوطنية بعين يمنية خالصة وتؤمن بأن مصيرها واحد ومستقبلها مشترك ولن يستطيع أحد أن يلغي الآخر.
عدم مشاركة الحوثيين في المشاورات الجارية يترك المخاوف قائمة بما يهدد استمرار هذه الهدنة ويجعل مصيرها لا يختلف عن تفاهمات وقف إطلاق النار السابقة، أما إذا غلّبت الجماعة الحوثية التعقل واستجابت إلى الدعوات وصدقت في تعهداتها، فإن ذلك سيغير كثيراً من المعطيات ويمكن الجهود الدبلوماسية الحالية من بناء منصة سياسية لبدء مفاوضات حل شامل للصراع في اليمن. وهذا الأمر، إن بدا صعباً، فليس مستحيلاً إذا كانت هناك إرادة للسلام وإيمان بقيم التعايش المشترك بين أبناء الشعب الواحد.
الفاعلون الدوليون والإقليميون لهم دور حاسم في تهيئة الأجواء للاستقرار وتجاوز مرحلة الصراع والتقاتل، ومثلما أدى مجلس التعاون الخليجي دوراً في مساعي التهدئة، كان تحالف دعم الشرعية مسؤولاً في هذه المرحلة عندما استجاب إلى نداء التهدئة تمهيداً لمشاورات الرياض، ثم رحب بوقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة. 
وفي هذه المرحلة وقبلها كان تحالف دعم الشرعية متعاوناً مع كل المبادرات الرامية إلى تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد، فغاية التحالف ليست الحرب، بل السلام وإنهاء أي تهديد للأمن الإقليمي الذي تضرر في السنوات الماضية جراء سلوكيات منحرفة اقترفها الحوثيون. أما اليوم فيمكن للتاريخ أن يتغير ويبدأ عهد جديد، إذا نجحت المساعي الحميدة لتثبيث الهدنة وإنجاح مسار الحل السياسي، بما يسمح لعودة السلام إلى اليمن والاستقرار إلى المنطقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"