عادي

الأمم المتحدة تحذّر: على العالم التحرك الآن من أجل مستقبل قابل للعيش

22:34 مساء
قراءة 4 دقائق

تدفع الوعود «الجوفاء» العالم باتجاه احترار كارثي يبلغ ثلاث درجات مئوية، لكن ما زالت الفرصة سانحة لتجنب الأسوأ مع إحداث تغيير جذري في الاقتصاد ووقف ارتفاع الانبعاثات في أقل من ثلاث سنوات، بدءاً من التخلص من الوقود الأحفوري، على ما جاء في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي نشر الاثنين.

الجزء الثالث من تقرير خبراء المناخ في الامم المتحدة لا يترك مجالاً للشك. فمن دون خفض «سريع وجذري» لانبعاثات غازات الدفيئة، المسؤولة الرئيسية عن التغير المناخي في كل القطاعات، سيكون من المستحيل حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية ولا حتى بدرجتين مئويتين.

لكن الدول التي التزمت ذلك الهدف من خلال توقيع اتفاق باريس للمناخ لم ترق إلى مستوى التحدي بعد، في وقت يتسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1,1 مئوية في ازدياد موجات الحر والجفاف والعواصف والفيضانات.

من جانبه، استنكر الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين أكاذيب «بعض الحكومات ومسؤولي الشركات» في شأن مكافحة تغير المناخ عقب نشر التقرير الجديد للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الاثنين.

وقال أنطونيو جوتيريس في مقطع فيديو «بعض الحكومات ومسؤولي الشركات يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر. سأقول ذلك ببساطة. إنهم يكذبون. والنتائج ستكون كارثية».

وحذر التقرير من أنه من دون تعزيز للسياسات الحالية، يتجه العالم نحو ارتفاع الحرارة 3,2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وحتى مع الالتزامات التي تعهدت بها الحكومات خلال مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) العام الماضي، سترتفع الحرارة 2,8 درجة مئوية، فيما يتسبب كل عُشر درجة إضافية في نصيبه من الكوارث المناخية الجديدة.

ومن أجل تجنب هذا المستقبل القاتم، يجب أن تبلغ الانبعاثات ذروتها قبل العام 2025، في غضون ثلاث سنوات فقط، وتنخفض بمقدار النصف تقريبا بحلول العام 2030 مقارنة بالعام 2019، وفقاً للتقرير.

«شجاعة»

وأكد رئيس الهيئة هوسونغ لي «نحن عند منعطف. القرارات التي تتخذ اليوم قد تضمن مستقبلاً قابلاً للعيش».

وعلّق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنها أدوات «يجب على دول العالم أن تكون شجاعة بما يكفي لاستخدامها».

وحذّرت الهيئة من أنه يجب تقليل استخدام الوقود الأحفوري بشكل كبير بحلول العام 2050 من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي لاتفاق باريس للمناخ المتمثل في حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

فمن دون احتجاز الكربون (وهي تقنية غير ناضجة)، يجب أن يتم التخلص من استخدام الفحم تماما وتقليل استخدام النفط والغاز بنسبة 60% و70 % تواليا بحلول العام 2050 مقارنة بمستويات العام 2019 و«يجب أن تنتج الكهرباء في أنحاء العالم من مصادر منخفضة أو منعدمة الكربون»، وفق التقرير.

وهذا سيناريو يبرز خصوصاً مع الحرب في أوكرانيا التي كشفت مدى اعتماد الاقتصادات على الوقود الأحفوري، وهو أمر طالما استنكره المدافعون عن البيئة.

وبالإضافة إلى الطاقة التي تمثل حواليى ثلث الانبعاثات، يجب أن تبدأ كل القطاعات (النقل والصناعة الزراعية والبناء...) في تحول سريع، بدءا بالحد من إزالة أشجار الغابات مرورا بتجديد طاقة المساكن وصولا إلى كهربة المركبات (شرط أن تشغّل بكهرباء منخفضة الكربون).

ويضاف إلى ذلك، استخدام أساليب احتجاز الكربون وتخزينه، وهي ستكون «حيوية» لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050 وحصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية.

لا مساواة

واعتبر خبراء المناخ في الأمم المتحدة في تقريرهم أن التحرك على صعيد الطلب على الطاقة واستهلاك السلع والخدمات قد يسمح بخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة الرئيسية عن التغير المناخي بنسبة تراوح بين 40 و70 % بحلول العام 2050.

وهذه المسائل هي على صلة وثيقة بأنماط العيش والاستهلاك والإنتاج التي تختلف مقاربة الدول الأعضاء ال195 لها. وقد تمعّنت الوفود في دراسة «الملخّص الموجّه لأصحاب القرار» سطرا سطرا وكلمة كلمة في اجتماعاتها عبر الفيديو، ما أفضى إلى أكثر من 48 ساعة عمل إضافية وأخّر موعد صدور التقرير من التاسعة صباح الاثنين إلى الثالثة بعد الظهر بتوقيت غرينتش.

وقال إلمار كريغلر وهو أحد واضعي التقرير «لم يكن توصل المجتمع العلمي والحكومات إلى اتفاق حول ملخص لصناع السياسات أمرا سهلا، وهو ما يثبت شيئا واحدا: لقد حان وقت اتخاذ القرارات».

وفي نهاية العام 2021، التزم موقعو اتفاق باريس تعزيز طموحاتهم بحلول مؤتمر المناخ المقبل (كوب 26) في مصر في تشرين الثاني/نوفمبر.

لكن بالنسبة إلى الدول الأكثر ضعفا، فإن المسؤولية تقع قبل كل شيء على عاتق الاقتصادات الكبرى.

وقال والتون ويبسون متحدثا باسم تحالف الدول الجزرية الصغيرة «يجب أن تستجيب البلدان الرئيسية المصدرة للانبعاثات، خصوصا مجموعة العشرين، للأزمة المتفاقمة بالإلحاح الذي تتطلبه. ليس فقط بالأهداف التي تبقى حبرا على ورق والوعود الجوفاء».

من جانبها، شددت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن على أن نصف إجراءات لن تخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول العام 2030 مضيفة «علينا تطبيقها 100 في المئة».

(أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"