جمع الأصدقاء

01:01 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم تتمكن الولايات المتحدة من جر الهند إلى صفّها والمشاركة في العقوبات المفروضة على روسيا، على الرغم من إغرائها بتنويع مصادرها من الطاقة والدفاع، بدلاً من النفط، والأسلحة التي تستوردها من روسيا، باعتبار الهند ثالث مستورد ومستهلك للنفط في العالم، ومشاركتها في حظر النفط الروسي يشكل بالنسبة لموسكو، ضربة. 
اللافت هو أن الإغراءات الأمريكية ترافقت مع تحذيرات للهند إذا لم ترضخ للضغوط الغربية، خلال زيارة قام بها إلى نيودلهي، داليب سينغ، كبير مخططي العقوبات في واشنطن قبيل وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قادماً من بكين.
وحاولت واشنطن اللعب على حبل الخلافات بين الهند والصين في محاولة لاستثارة نيودلهي والانضمام إلى العقوبات بقولها: «إن الهند لا يمكنها الاعتماد على روسيا في الدفاع عنها في حال انتهكت الصين خط المراقبة مع الهند». المسؤول الأمريكي يريد أن يقول للهند، إن روسيا ليست حليفاً يمكن الاعتماد عليه، وكأن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً مضموناً، وهي التي تخلت عن كل حلفائها وقت الشدة، وتركتهم لمصيرهم.
المهم أن لافروف زار الهند قادماً من الصين والتقى كبار المسؤولين فيها، وأكد عمق الصداقة بين البلدين، وأشاد بموقف الهند «الموضوعي» بشأن الوضع في أوكرانيا؛ إذ امتنعت عن التصويت على قرارات في الأمم المتحدة تفرض عقوبات على موسكو، تماماً كما فعلت الصين التي أشاد بها لافروف، معتبراً أنها جزء من «نظام عالمي جديد عادل متعدد الأقطاب»، مؤكداً «شراكة غير محدودة» بين روسيا والصين، في حين أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أن العلاقات مع روسيا «لا حدود لها».
الهند من جهتها أكدت حيادها تجاه الأزمة الأوكرانية، رافضة الامتثال للضغوط الغربية من خلال وزير خارجيتها سوبرامانيام جايشانكار الذي شدد على ضرورة «وقف العنف، وإنهاء الأعمال العدائية، وحل الخلافات والنزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية، واحترام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وسيادة الدول وسلامة أراضيها».
لكن هذا الموقف لا يُرضي الولايات المتحدة وحلفاءها، فهي تريد من الهند الانخراط في العقوبات المفروضة على روسيا، وألا تكون نافذة إلى جانب الصين للالتفاف على العقوبات.
ليس صحيحاً أن روسيا أصبحت معزولة، كما تردّد إدارة بايدن. فالعقوبات محدودة في الواقع في دول حلف الأطلسي وحلفائها المقربين جداً، مثل بريطانيا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، في حين أن أكثر من ثلث سكان العالم (35%) ممثلين في الصين والهند وحدهما، إضافة إلى دول أخرى، يرفضون العقوبات ولا يمتثلون للقرارات الأمريكية والغربية.
تحاول روسيا، الآن، الرد على العقوبات المالية والاقتصادية بأن تكون مبادلاتها التجارية، خصوصاً بالنسبة للنفط والغاز بعيداً عن الدولار، حيث تسعى موسكو ونيودلهي، إلى وضع آلية دفع بالروبية الهندية والروبل الروسي.
من الواضح أن الغرب الذي يخوض حربه الاقتصادية ضد روسيا من خلال أوكرانيا، يريد تهشيم الاقتصاد الروسي باعتباره أساس قوة روسيا، وهي تدرك ذلك وترد بتعزيز تحالفاتها وجمع أصدقائها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"