عادي
جامعاتهم تدعمهم باستشارة مهنية افتراضية

جهات عمل تستغل حديثي التخرج تحت بند «التدريب للتوظيف»

00:44 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: عبد الرحمن سعيد

ما مسؤولية الجامعات في الحد من استغلال حديثي التخرج من قبل بعض المؤسسات والشركات التي تستفيد منهم تحت بند «التدريب» ولمدة تمتد أحياناً إلى أكثر من 10 شهور من دون رواتب؟ العديد من الخريجين يجدون أنفسهم مضطرين للقبول بهذا الوضع، لاكتساب الخبرات أولاً، ولإثبات أنفسهم في مكان التدريب ثانياً، على أمل الحصول على وظيفة.

العديد من الأكاديميين والمسؤولين في الجامعات والخبراء الذين التقتهم «الخليج» تحدثوا عن هذه القضية المهمة، مؤكدين أنهم يحرصون دائماً على توعية الخريجين، مؤكدين حرصهم على توفير الإرشاد المهني للطلبة الذين هم على وشك التخرج وكذلك للخريجين، عبر تنظيم حملات توعوية، لتثقيفهم بشأن مهارة الاتفاق والتعاقد مع جهات العمل، منعاً لاستغلالهم من قبل بعض المؤسسات.

يقول راشد الشامسي مدير إدارة الشؤون المهنية للخريجين بالإنابة في جامعة زايد: تقوم الجامعة بمتابعة حالة توظيف خريجيها من خلال الاستبيان الذي تقوم بإدارته وزارة التربية والتعليم، وتنفذه الجامعة من خلال المتابعة عبر الاتصال الهاتفي بهم، لمعرفة إذا استكملوا دراستهم العليا أو أقاموا المشاريع الخاصة بهم.

ويوضح أن الجامعة دائماً تحرص على توفير الإرشاد المهني للطلاب والطالبات الذين هم على وشك التخرج وكذلك للخريجين، عبر تنظيم حملات توعوية لتثقيفهم حول مهارة الاتفاق والتعاقد مع جهات العمل، منعاً لاستغلالهم من قبل بعض المؤسسات التي تكون في أغلب الأحيان مؤسسات خاصة.

وحول دور الجامعة في تسهيل مهمة التحاق الخريجين بوظائف، يوضح أن الجامعة تحرص على بناء علاقات وطيدة مع جهات العمل؛ وذلك من خلال إجراء الاجتماعات الدورية معهم، والتعرف إلى احتياجاتهم وتشجيعهم على استخدام البوابة المهنية لعرض الفرص المهنية المناسبة لطلبة وخريجي الجامعة، كما تقيم الجامعة سنوياً معرضاً للتوظيف الافتراضي ليكون جسر التواصل بين طلبة الجامعة وجهات العمل، فعلى سبيل المثال تم عقد اتفاقية تعاون مع هيئة الموارد البشرية لإمارة أبوظبي، وغيرها العديد من الجهات، لتدريب الطلبة في ريادة الأعمال.

ويقول: تحرص الجامعة على التواصل مع خريجيها بشكل مستمر، كما تحرص الجامعة على التواصل مع خريجيها الذين التحقوا بإحدى المؤسسات سواء للتدريب أم التوظيف بعقود طويلة الأجل، وتحرص الجامعة على دعم الطلبة في الحصول على وظيفة مناسبة وإقامة ورش العمل والدورات التدريبية ومعارض التوظيف لتأهيلهم لسوق العمل.

جامعة أبوظبي

من جانبها تقول دانا غازي صالح، مديرة أول التوظيف وعلاقات الخريجين في جامعة أبوظبي: تساعد الجامعة، من خلال مكتبها للتوظيف وعلاقات الخريجين، الخريجين الجدد في العثور على فرص عمل، سواءً كان ذلك من خلال فرصة تدريب أم فرصة عمل دائمة، ويجمع المكتب بين التوظيف وعلاقات الخريجين، الأمر الذي يشير إلى أنهما يسيران جنباً إلى جنب؛ حيث يُعد التوظيف خدمة نقدمها لخرجينا من خلال تطوير المكتب منصة خاصة للإعلان عن الوظائف الشاغرة.

وعن دور الجامعة في تسهيل مهمة التحاق الخريجين بوظائف توضح أنه إضافة إلى تعزيز مهارات الخريجين في استكشاف فرص العمل والبحث عنها، تقوم جامعة أبوظبي بإبرام مذكرات تفاهم مع العديد من الشركات والمؤسسات المرموقة، بهدف تعزيز التعاون وخلق فرص العمل للخريجين.

فرص العمل

وتؤكد أن جامعة أبوظبي تقدم للخريجين خدمة الاستشارة المهنية الافتراضية لتقديم الدعم اللازم لهم في سوق العمل؛ حيث يمكن للخريجين حجز موعد للتحدث مع مستشار التوظيف، لبحث الأهداف المهنية ومراجعة السير الذاتية والإعداد لمقابلات العمل.

وتشير إلى أن جامعة أبوظبي صادقت على تنفيذ استراتيجية جديدة للخريجين في ديسمبر/ كانون الأول 2020، والهدف من هذه الاستراتيجية هو إنشاء وتسهيل مشاركة الخريجين مدى الحياة، ويتم تحديدها من خلال أربعة أهداف استراتيجية تتعلق بثقافة الخريجين، والتطوير والخدمات المهنية، وحوكمة الخريجين وعضويتهم، من خلال توظيف ابتكارات الاتصال والتكنولوجيا.

جامعة السوربون

وتقول سيلفي فوس، مسؤولة قسم التوجيه الوظيفي في جامعة السوربون أبوظبي؛ إن خريجينا، هم سفراء لنا، وإن مستواهم التعليمي، يعكس التميز الأكاديمي للجامعة، ونبقى على تواصل دائم معهم أثناء رحلتهم المهنية، إضافة إلى إبقائهم على صلة ببعضهم؛ وهذا يعد هدفاً أساسياً لمركز التوجيه الوظيفي في الجامعة.

وتقول: إن رحلة التطور المهني هي رحلة مستمرة بعد التخرج، ولهذا فإن الجامعة تشجع الخريجين على البقاء على اتصال معها، كما أن مركز التوجيه الوظيفي يدعم الخريجين من خلال جلسات إرشاد مهنية شخصية تساعد الطلبة بشكل أساسي على تحديد مسارات وظيفية جديدة والتواصل مع أصحاب العمل والمشاركة في برامج مصممة خصيصاً للخريجين.

حماية الخريجين

طالب الإماراتي سعيد الطنيجي خبير موارد بشرية، الجهات المعنية في الدولة بضرورة استحداث قانون يحمي الخريجين الذين يلتحقون بجهات العمل تحت بند التدريب العملي، من أي مشكلة قد تحدث في تلك الجهات، موضحاً أن هناك قانوناً للتوظيف ولكن لا يوجد قانون للتدريب، بمعنى أنه في حال استقطاب خريجين للتدريب لا يوجد قانون لحماية حقوقهم أو ينص على أنه في حال التدريب ستحصل على وظيفة في المؤسسة؛ حيث إن الوعود كثيرة بأنه عند اكتمال فترة التدريب سيتم الحصول على وظيفة، وهذا حدث كثيراً لخريجين، لم يحصلوا على وظيفة وكان فقط عبارة عن تدريب، وبالتالي أصبحت مشكلة بالنسبة للشاب؛ حيث إنه أهدر وقتاً من حياته من دون الحصول على مال أو حتى وظيفة.

وعن العوائد المالية من التدريب، يلفت إلى أن هناك نوعين أولهما الراتب المقطوع «المكافأة»، والراتب الدائم للموظف، وأغلب المؤسسات تدفع راتباً مقطوعاً، والعديد من الباحثين عن عمل لم يعرفوا البنود جيداً؛ لذا يجب أن يتم ربط كافة القطاعات في الشركات والمؤسسات من ناحية التدريب والمكافأة بوزارة الموارد البشرية والتوطين.

ويقول: «لو احتسبنا المعدل البسيط للعائد المادي على الشركة التي تدفع 5 آلاف درهم للموظف، واستقطبت اثنين من الباحثين عن عمل أي بمعدل 10 آلاف درهم شهرياً، وتم استغلالهم 3 أشهر، أي نحو 30 ألف درهم كل 3 أشهر، بمعدل 120 ألف درهم سنوياً كأقل تقدير؛ حيث هناك شركات تستقطب أعداداً أكثر بكثير من ذلك، وبالتالي توفر مبالغ كبيرة سنوياً ولا تبالي بمصلحة الباحثين عن عمل، من المواطنين والمقيمين».

خريجون تم استغلالهم

والتقت «الخليج» بعدد من الخريجين الجدد الذين تعرضوا للاستغلال من جهات عمل مختلفة، تحت بند التدريب العملي لمدة أشهر من دون راتب ومن دون الحصول على وظيفة بعد شهور طويلة من التدريب؛ حيث تقول الخريجة الإماراتية فاطمة الهلال من جامعة زايد قسم أمن المعلومات: إن إحدى الجهات عرضت عليها التدريب لمدة 12 شهراً من دون راتب، وعندما تساءلت عن إمكانية الحصول على الوظيفة بعد الانتهاء من فترة التدريب، كان رد جهة العمل «الأمر غير مؤكد»، موضحة أن لديها العديد من أصدقائها صادفوا نفس العروض من جهات عمل مختلفة على مستوى الدولة، ما جعلهم يستوعبون أنه استغلال من تلك الجهات لخبراتهم الدراسية، الأمر الذي دفعهم إلى تحذير بعضهم بعدم القبول؛ حيث إنها عبارة عن عروض وهمية.

وترى أن مثل هذه الجهات تروج للفرص التدريبية والوظائف الشاغرة بغرض الاستعراض والظهور على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن في الحقيقة الأمر يعد استغلالاً للخريجين من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات؛ حيث لا توجد لهذه الجهات خطة أو رؤية واضحة فيما يتعلق بتوظيف الخريجين.

حقوق الخريجين

توافقها الرأي الإماراتية مريم العلوي خريجة جامعة زايد، قائلة: إنها سمعت كثيراً من القصص في هذا الشأن لخريجين جدد استغلتهم جهات عمل بغرض التدريب لأشهر عدة من دون الحصول على وظيفة بعد انتهاء التدريب، متسائلة أين حقوق الخريجين في هذا الشأن، عندما تتلاعب بهم جهات العمل وتستغل طاقتهم وشغفهم في الحصول على وظيفة؟

نموذج يُحتذى

من جانبها، تقول الخريجة سالي عزت الحاصلة على البكالوريوس من جامعة أبوظبي تخصص إعلام: إنها التحقت بأكثر من جهة عمل بغرض التدريب من دون الحصول على وظيفة، ومن بينها جهة كلفتها بالعمل على مسلسل 1500 حلقة، وتحديداً في مجال الإخراج، واستغرق العمل أكثر من 4 أشهر، بمبلغ مادي رمزي لا يغطي أية تكاليف، ومن ثم التحقت بالعمل لدى قناة مرموقة لمدة 5 أشهر كمتدربة من دون عقد يضمن لها حقوقها الوظيفية أو المالية، على الرغم من كونها كانت تعمل أكثر من 12 ساعة يومياً في مجالات مختلفة؛ كالإعداد والترجمة والإخراج والإنتاج؛ وذلك بدافع الطاقة والحماس الشبابي، وبعدها التحقت بجهة عمل أخرى كمتدربة لمدة شهر بعائد مادي رمزي جداً.

وترى أن مجال دراستها في الإعلام واسع وكبير وله العديد من الجوانب والتخصصات الوظيفية؛ لذا عليها أن تتدرب في مختلف مجالاته لتصبح على قدر كافٍ من الثقافة التي تؤهلها للانخراط بأي من مجال من مجالات العمل في تخصصها، كما أنها حققت أكثر من 700 ساعة تطوعية من دون مقابل، مع العديد من الجهات المعتمدة في الدولة أبرزها بطولة الأندية العالمية التي نظمتها الفيفا في أبوظبي وإكسبو2020 والمارشال الإماراتي.

الفشل والإحباط

يقول محمد أيمن، خريج إحدى الجامعات الخاصة في الدولة، إنه التحق بجهتي عمل بغرض التدريب، استمرت فترة التدريب في كل جهة عمل 3 أشهر، أي بمعدل 6 أشهر عمل بغرض التدريب؛ حيث كان يعمل بدوام كامل مثل جميع الموظفين، بعدد ساعات دوام أكثر من 8 ساعات يومياً، مبيناً أن رد فعل جهتي العمل اللتين التحق بهما هو عدم إثبات الجدارة لاستحقاق الوظيفة، الأمر الذي كاد أن يتسبب له في أزمة نفسية من جرّاء شعوره بالفشل والإحباط، لكنه لم يستسلم وتعلم الدرس بعدم الالتحاق بأي من جهات العمل إلا بعقد عمل موثق ومعتمد من الجهات المعنية في الدولة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"