شهر الرحمة والغفران

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه الشويهي
التوبة مطلوبة في كل وقت، لكنها في مواسم الخيرات تكون مؤكدة أكثر؛ وذلك لأن الذنوب هي التي تحول بين العبد وبين اغتنام هذه المواسم. قال تعالى: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ». وأي مصيبة أعظم من خروج الإنسان من هذا الشهر وهو لم يعتق من النار لأنه لم يعتق نفسه من المعاصي بالتوية النصوح.
وإذا كان الله يدعو عباده إلى التوبة النصوح في كل زمان، فإن التوبة في رمضان أحرى وأولى بالقبول، فهو شهر تسكب فيه العبرات، وتقال فيه العثرات، ويحصل به العتق من النيران، ومن منا لا يتلبس بخطأ هو أدرى به من غيره، ومن منا لا يصر على معصيته كَبرُت أو صَغُرت؟ فرمضان فرصة لأن نتخفف من الأوزار، لنستشعر لذة رمضان ونحس بأثره في نفوسنا وسلوكنا.
رمضان يأتي وفيه فُرَص الغفران ومفاتيح أبواب الجنان، فمن أقبل فيه على الطاعات فاز وسَعِد، ومن أعرض عنها غُبِن ونَكِد، وحرَم نفسه من نفحات العفو الإلهي المعروضة في شهر المغفرة. وفي الحديث: «بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ». أي: أبعده الله عن رحمته وفضله، وفي الحديث الآخر: «رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ».
 إنه دعاءٌ من جبريل، عليه السلام، دعا به على من فرَّط في اغتنام ما يتاح من فرص الخير وما يفتح من أبواب الفضل، وهذا الدعاء أمَّنَ عليه الرسول، صلى الله عليه وسلم، للزيادة في تأكيد استجابته وقبوله، ولقد أعذر الله لعبد أدركه رمضانُ فلم يتب؛ بل بقي كما كان على حاله من الذنوب والآثام.
إذ التوبةُ فتح صفحة بيضاء، وسلوكٌ وضَّاء، وخوفٌ ورجاء.
بِكَ أَسْتَجِيرُ وَمَنْ يُجِيرُ سِوَاكَا فَأَجِر ضَعِيفَاً يحْتَمِي بحِمَاكَا
يَا رَبِّ تُبْتُ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ تَوْبَتي أَنْتَ المجِيبُ لِكُلِّ مَنْ نَادَاكَا
يا غافر الذنب العظيم وقابلا للتوب قلب تائب ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي حاشاك تطرد لائذا حاشاكا
سبحان من يفرح بتوبة التائبين سبحان من سبقت رحمتُه غضَبه، سبحان من كتب على نفسه الرحمة، سبحان من رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.
أَلا فَرَحِمَ اللهُ امرَأً استَقبَلَ شَهرَهُ بِالتَّوبَةِ النَّصوحِ إِلى اللهِ عما مضى من النقص والخلل، وَعَزَمَ مِنَ الآنَ عَلَى اغتنام مواسم الخيرات وأوقات الطاعات، والمبادرة بالجد فيها بصالح العمل وحذار من أن يتعاظم المرء منا ذنبه فباب التوبة مفتوح قال تعالى: «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى». اللهم اجعلنا من التوابين، واجعلنا من الراشدين.
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"