مطر بن سلطان الصيري

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

له من اسمه نصيب، فمع هطول كل قطرة مطر، تزهر الأرض وينتشر الحبور والفرح والبهجة، وهو قد كان كذلك، له من اسمه نصيب «مطر» خلق من بشاشة، ابتسامته لا تفارق وجهه، ينشر البهجة أينما كان، هو الأب والأخ والصديق والرفيق لكل من عرفوه، قلبه معجون بالطيبة والترحاب وسعة الصدر، لا يقول إلا خيراً، مطبقاً لحديث المصطفى صل الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
عرفناه ونحن أطفال وعاشرناه ونحن شباب وجالسناه ونحن آباء، لم يتغير ولم يتبدل، ولم يتلون، ظل مطر خير لا يهطل في مكان إلا أحياه، رفيق بالصغير، ودود مع الكبير، رحيب الباع مع الضيف، طلق المحيا يستقبلك بابتسامة ولا يودعك إلا بمثلها، دمث بسكون وإجلال، إذا تحدث تسكن إليه فتستزيده، وإذا صمت كان صمته سكينة، يعرف مقال كل مقام، له جاذبية خاصة تجعلك تحبه وإن لم تكن قد عرفته من قبل، وحينما تعرفه وتسكن إليه، تحس بأنك الأثير لديه.
الأسبوع المنصرم غادرنا مطرنا، غادرنا الحبيب الأب الخال «مطر بن سلطان بن عوض الصيري القمزي» غادرنا إلى رحاب الله، غادرنا سيد اللطف والبشاشة، وتوقف شريان آخر من شرايين القلب، توقف تاريخ حافل بالعطاء والمودة، غادرنا جزء لا يتجزأ من ذاكرة الروح والكيان والوجدان، غادرنا شيء من تكويننا الذي تربينا ونشأنا عليه، وكأن دفتر العمر تتمزق صفحاته صفحة تلو صفحة، وشجرتنا الكبيرة الوارفة الظلال والعطاء، تحتّ ثمارها واحدة واحدة، وتفقد غصناً من أغصانها الطيبة.
هو من الذين أعطوا لحياتنا معناها وشخصيتها وتكوينها، وشكل مع سلالة خلقها الله من طيب وعطاء وجود وكرم عمراً زاهياً زاخراً بالفرادة والتميز، هو واحد ممن علمونا قيم الخير والواجب وفن التعامل في الحياة.
ترحل عنا ولا نقول من بعدك إلا طبت وطاب عمرك وسجل حياتك، لا نقول إلا كريماً يقبل على رب كريم، موقنين أنك بين يدي رحمن رحيم، نشهده بقلوب مؤمنة بقضائه وقدره، أنك سريرة كعلانـــية بشر وعطاء وطيب، نشهده أن من لقي دار قراره حبيب من أحباب القلب، داعينه جل جلاله أن يغفر لك ويرحمك ويسكنك فسيح جناته، ويلهمنا جميعاً: أهلك، ومحبيك، وأصدقاءك الصبر، والسلوان.
تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، والله يا مطرنا إنّا برحيلك لمحزونون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"