ليست بطولة ولا رجولة

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

مهما تقدم بنا الزمن ومهما ابتكروا للشباب وسائل تسلية ونقلوهم إلى العالم الافتراضي حيث بإمكانهم خوض التجارب وكأنهم يعيشونها في الواقع، ويخوضون المغامرات كيفما شاؤوا مقلدين النجوم أبطالهم المفضلين، ويتنافسون في سباقات افتراضية يقودون فيها السيارات وكأنهم في حلبة الفورمولا.. إلا أن بعضهم مازال يهوى «التفحيط» واستعراض بطولاته في قيادة السيارة بشكل جنوني، بلا خوف من عيون الرقابة ولا خجل من إزعاج الناس والأهم بلا أي إحساس بالمسؤولية تجاه أنفسهم وأهاليهم وكل من يعرضون حياته للخطر بسبب تهورهم وطيشهم.
غريب أمر هؤلاء العابثين بالأرواح والأرزاق، فلا يخشون أذية أنفسهم فيمزقون قلوب أهاليهم وجعاً وحزناً عليهم، ولا يعنيهم هدر الأموال بالتسبب بإتلاف سياراتهم وإتلاف الشوارع ودفع غرامات مالية إضافة إلى العقوبات التي ينص عليها قانون المرور!.
حجز ٥١ مركبة العام الماضي في رأس الخيمة بسبب الضجيج والإزعاج، ربما يقرأه البعض كخبر إحصائي أصدرته إدارة المرور عن مجمل المخالفات التي حصلت العام الماضي، والتي تسبب بها الشباب، لكنه في الحقيقة جرس إنذار وتنبيه إلى مواصلة الشباب تماديهم في التهور في القيادة، رغم الحوادث المميتة التي تحصل ورغم كل الملاحقات والتحذيرات وحملات التوعية.
الأهل مسؤولون أيضاً عن تصرفات أبنائهم وأخلاقهم وعدم وعيهم بخطورة ما يفعلون، أو تجاهلهم للقوانين وتعمدهم كسر كل ما هو محظور والتباهي بالقيادة المتهورة والتصرف في الأماكن العامة برعونة. وهذا الانفلات يدفع ثمنه الجميع للأسف، الشاب الذي يقود المركبة، ومن يعرض حياتهم للخطر من مارة أو أصدقاء يرافقونه، ومن يتسبب في إزعاجهم وإصابتهم بحالة من الذعر والقلق في الأحياء السكنية، وصولاً إلى الأهل الذين يخسرون الأموال وخسارتهم الأكبر هي خسارة أبنائهم.
ليس صعباً على الشباب الالتزام بقوانين السير والمرور، وليست بطولة ولا «رجولة» تحدي القانون واستعراض العضلات في الشوارع، بل الرجولة والنضج في احترام الآخرين والحفاظ على سلامتهم نتيجة السباقات والاستعراضات الخطرة، والتباهي بقيادة المركبة و«التفحيط» بها، والأسوأ أنهم يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لتصوير حركاتهم الخطيرة ومخالفاتهم وسباقاتهم ونشرها ويواصلون من خلالها التنافس على حصد أكبر عدد من المشاهدات والمعجبين!.
إذا كان قانون المخالفات ينص بوضوح على أن «قيادة مركبة بطريقة من شأنها أن تلحق ضرراً بالمرافق العامة أو الخاصة يجازى مرتكبها بالغرامة المالية، وقدرها ٢٠٠٠ درهم و٢٣ نقطة مرورية، وحجز المركبة ٦٠ يوماً»، مع تعريض هؤلاء المخالفين أنفسهم للتوقيف والمساءلة القانونية، فلماذا الاستمرار في الطيش؟ ألا تكفي الألعاب الإلكترونية والافتراضية كي ترفع الأدرينالين ويخرجوا من خلالها الطاقة التي تتيح لهم العيش بسلام وعدم التسبب بأي أذى لأحد، مع المحافظة على السلامة العامة للجميع؟.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"