عادي
نوادر

جيد المضغ سريع البلع

23:53 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل
أورد الجاحظ عن أبي نواس قوله: كان معنا في السفينة، ونحن نريد بغداد، رجل من أهل خراسان، وكان من عقلائهم وفقهائهم، فكان يأكل وحده، فقلت له: لم تأكل وحدك؟ قال: ليس عليَّ في هذا الموضع مسألة، إنما المسألة على من أكل مع الجماعة، لأن ذلك هو التكلّف. وأكلي وحدي هو الأصل وأكلي مع غيري زيادة على الأصل.
وأورد قصة شيخ خراساني كان يأكل في بعض المواضع؛ إذ مر به رجل فسلم عليه، فرد الشيخ السلام ثم قال: هلمّ عافاك الله، فتوجه الرجل نحوه، فلما رآه الشيخ مقبلاً قال له: مكانك، فإن العجلة من عمل الشيطان.
فوقف الرجل فقال له الخرساني ماذا تريد؟ قال الرجل: أريد أن أتناول الطعام معك.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﻭﻟﻢ ﺫﺍﻙ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻃﻤﻌﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ؟ ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺎﺡ ﻟﻚ ﻣﺎﻟﻲ وطعامي؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﺃﻭﻟﻴﺲ ﻗﺪ ﺩﻋﻮﺗﻨﻲ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﻭﻳﺤﻚ، ﻟﻮ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻚ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺣﻤﻖ ﻣﺎ ﺭﺩﺩﺕ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ﺃﻧﺎ: ﻫﻠﻢ، ﻓﺘﺠﻴﺐ ﺃﻧﺖ: ﻫﻨﻴﺌﺎً، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻛﻼﻡ ﺑﻜﻼﻡ، ﻓﺄﻣﺎ ﻛﻼﻡ ﺑﻔﻌﺎﻝ ﻭﻗﻮﻝ ﺑﺄﻛﻞ ﻓﻬﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ.
ومن القصص الطريفة التي أوردها الجاحظ أن رجلاً قال لأحد البخلاء: لم لا تدعوني إلى طعامك؟ قال البخيل: لأنك جيد المضغ سريع البلع، إذا أكلت لقمة هيأت نفسك لتناول الأخرى، فقال الرجل مستغرباً: يا أخي أتريد إذا كنت عندك أن أصلي ركعتين بعد كل لقمتين؟
قضاء دين الصيف خلاف دين الشتاء
قال الجاحظ: استلف زبيدة بن حميد من بقال كان على باب داره درهـــمين وأربــــع حبــات شعير، فلما قضاه بعد ستة أشهر قضاه بدرهمين وثلاث حبات شعير، فاغتاظ وقال البقال: سبحان الله أنت رب مئة ألف دينار، وأنا بقال لا أملك مئة فلس، وإنما أعيش بكدي، وباستفضال الحبة والحبتين سلفتك درهمين وأربع حبات شعير، فقضيتني بعد ستة أشهر درهمين وثلاث حبات شعير؟ فقال زبيدة: يا مجنون أسلفتني بالصيف فقضيتك في الشتاء، وثلاث شعيرات شتوية ندية تزن أربع شعيرات يابسة صيفية، ولا أشك أن معك فضلاً.
زادك الله معرفة وحزماً
قال رجل من البخلاء لأولاده: اشتروا لي لحماً، فاشتروا له ما طلب، فأمر بطبخه، فلما نضج اللحم أكله جميعه حتى لم يبق في يده إلا عظمة، وعيون أولاده ترمقه، قال: لن أعطي أحداً منكم هذه العظمة حتى يُحسن وصف أكلها، فقال ولده الأكبر: أشمها يا أبت وأمصها حتى لا أدع للذر فيها مقيلاً، قال: لست بصاحبها، فقال الأوسط: ألوكها يا أبت وألحسها حتى لا يدري أحد لعام هي أم لعامين، قال لست بصاحبها، فقال الأصغر: أنا يا أبت أمصها ثم أدقها وأسفها، فقال الأب أنت صاحبها وهي لك، زادك الله معرفة وحزماً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"