عود على بدء المسابقات

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

هل حسبت أن هذا الموضوع صفحة طويت؟ لا، فلا يزال المبحث نصف مكتشف، كأنه إفريقيا. من ظن أن المسابقات تجاوزها الزمن، بجديد التقانات، ففكره مغيّب عنها. المسابقات متألقة في بلدان متقدمة، منها فرنسا. مسابقات مذهلة في جدّيتها، لكنها البرهان على وجود فئات من الجنسين في قمة الاطلاع الموسوعي. في العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي، قدمت إذاعة لوكسمبورج برنامجاً اسمه: «غادر أو ضاعف». ثم انتقل إلى إذاعة مونت كارلو، وفي العقد الثامن عاد إلى لوكسمبورج. الفرنكوفونيون الذين عاشوا تلك العقود يذكرون. كان تدرّج صعوبة الأسئلة، يشبه الكماشة التي تضيّق الخناق. ساحات نزال لا يقربها من يردد: «وفي الهيجاء ما جربتُ نفسي.. ولكن في الهزيمة كالغزالِ».
المسابقات الجدية فضّاحة. أدنى قدر من المعرفة النفسية، يكشف لك المستوى الحقيقي للمتسابق. بلا عناء يظهر إن كانت صفقة قد عقدت تحت الطاولة: وضعوا في أذنه جنّيّة وادي عبقر، أو أخفوا في جيب سترته «العصفورة». في العالم العربي، للأسف، تكون الأسئلة أحياناً، استهزاء بمستوى ثقافة أربعمئة مليون عربي، وكأن الديمقراطية هي الأخرى «مؤامرة» على العقل العربي. لك أن تقول إن النزاهة أيضاً كارثة. تخيل برنامج مسابقات لا يفوز فيه ولا حتى واحد بشعيرة أو خردلة. ستتفق الأكثرية على أن الأمر إرادة تشويه.
ثمة مسألة طريفة يجوز فيها الوجهان، وهي أن كبار المتخصصين والمثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعات ومن في مستواهم، يحجمون عادة عن المشاركة في المسابقات، إيماناً منهم بأن هذا النوع من الاختبار ليس معياراً سليماً للحكم به على ثقافة الشخص وقدراته الذهنية ومداركه العقلية ومواهبه. الإخفاق سلاح دمار شامل. هنا مدخل مهمّ في العلوم التربوية، يرى أن الامتحانات المدرسية مقياس غير صحيح لتقويم مستوى التلاميذ والطلاب. قد تجد عدداً كبيراً على هذه الشاكلة من الآراء المتعارضة. انخفاض المنسوب العام في الثقافة العامة يمكن معالجته بإعادة النظر في مخرجات المناهج، في الأدوار التي تلعبها الجمعيات والنوادي والمؤسسات المدنية في مضمار الثقافة والعلوم، وأساساً في وزن الأسرة في بداية التنشئة، وفي وسائط الإعلام على طول المسيرة وعرضها، في كل مراحل السن.
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسيّة: عجباً، البلدان المتقدمة تنتج برامج المسابقات وتبثها طوال شهور العام بلا كلل، والعرب ثقيل عليهم شهر مسابقات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"