عادي
بحضور سيف بن زايد

«القيم».. باكورة محاضرات مجلس محمد بن زايد الرمضاني

02:18 صباحا
قراءة 5 دقائق
سيف بن زايد
سيف بن زايد

أبوظبي: سلام أبوشهاب

استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقصر البطين في أبوظبي مساء أمس الأول محاضرة بعنوان «القيم وأثرها في تنمية الإنسان والمجتمعات» حضرها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وألقاها كل من الدكتور أحمد الحداد، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية بدبي وعضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، والدكتور عمر حبتور الدرعي مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.

1

كما حضر المحاضرة العلامة عبد الله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.

ركز المحاضران على أربعة محاور هي: ما هي القيم الأساسية للإسلام ولماذا تعد مهمة؟ والترابط بين القيم الإسلامية والقيم الإنسانية، كيف يمكننا غرس هذه القيم في الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات؟ ما هي نتائج هذه القيم على المجتمعات؟ وأدارت المحاضرة نوف الشحي، اختصاصية إعداد البرامج في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.

وأكد الدكتور عمر حبتور الدرعي أن الإمارات قيادة وشعباً قدّما للإنسانية جمعاء نموذجاً للقيم في وقت الأزمات تحديداً خلال فترة جائحة كورونا «كوفيد -19»، فعندما أغلقت كل دول العالم أبوابها كانت الإمارات الملاذ الآمن للبشر، حيث فتحت ذراعيها للجميع وتحلى أبناء زايد بأخلاق وقيم زايد، فكانت خير عون ومساعد للبشرية، مشيراً إلى أن القيم ضرورة ملحة للمدن الفاضلة، والإنسان يعيش حياة حقيقية بالقيم، والعمل الصالح ومساعدة الآخر ثمرة من ثمرات القيم الإنسانية، فالقيم في حال السراء حياة وفي حال الضراء ملجأ.

لماذا القيم؟

ورداً على سؤال حول لماذا القيم؟.. قال الدكتور عمر حبتور الدرعي: «إن منظومة القيم هي التي تربط السلوك البشري بمعايير وأخلاق تجعل الإنسان حسن السلوك مستنيراً نافعاً لوطنه ودينه، لافتاً إلى أن الله عز وجل حث الإنسان على ضرورة التحلّي بالقيم، ما جعلها جوهر الأديان وسبباً لبعث الأنبياء الذين كانوا حرّاساً للأديان، ومكانة القيم عظيمة في ديننا، وبسبب الدين بنيت أعظم الصروح فكانت مجالاً للإبداع الإنساني.

وأوضح أن الدين الإسلامي الحنيف يضع منظومة القيم في مكانة عظيمة، إذ إن فلاسفة المسلمين على مر التاريخ جعلوا أسماء الله الحسنى ال 99، مصدراً للقيم الإنسانية لأن الله عز وجل يريد من خلقه أن تشيع صفاته وأسماؤه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى كمال الإيمان لمن يخلّ بمنظومة القيّم، مشدداً على أن الدين الإسلامي كله قيم وأخلاق.

وقال الدرعي لو تأملنا في كتاب الله سنجد أنه يتكوّن من 6 آلاف آية تدعو للعقيدة والقيم، باستثناء 500 آية تتحدث عن الأحكام، بما يوازي 8% من عدد آيات القرآن الكريم، واللافت أن آيات الأحكام هي أيضاً تدعو للقيم، وبالرغم من اختلاف الفلاسفة على مر التاريخ حول ماهية القيم الإنسانية، إلّا أنهم جميعاً لم يختلفوا على أهميتها وضرورة التحلي بها كونها أشبه للإنسان بالماء في الحياة، ولأنها وسيلة مثلى لتحسين علاقة العبد بربه وبنفسه وبالآخرين.

غرس القيم

وأكد الدرعي أن غرس القيم صناعة تربوية شائكة، وغرسها مثل البناء يبدأ بلبنة وله حجر زاوية وهو الطفولة، وغرس القيم لها موسم غرس وهو مرحلة الطفولة، أما بعد ذلك فغرسها يحتاج إلى الصبر والاجتهاد، وبالتالي غرس القيم يبدأ مع الإنسان ويستمر إلى ما لا نهاية والقيم متجددة.

وعن تحديات القيم قال الدرعي: القيم في المجتمع تحتاج إلى صناعة تربوية تضم ثلاثة مكونات، الأول مكوّن معرفي يختص بالجانب النظري والمعرفي، فالعلم أولاً في أي بناء معرفي، يعنى بإعلاء دور العلم باعتباره أهم بناء قيمي، والثاني، مكون وجداني، يركّز على أهمية خلق ارتباط عاطفي ووجداني بين الإنسان والقيم، والمكوّن الثالث هو مكون سلوكي بترجمة القيم إلى أعمال، في 90% من القيم داخلية، و10% من منظومة القيم سلوك خارجي، محذراً من فكرة ربط التحلي بالقيم مع البشر بالمبادلة، بما يعني أن يتحلى الإنسان بالقيم مع غيره من أصحاب القيم، ويتعامل بدون هذه القيم مع أشخاص لا يتحلون بها، مشيراً إلى أن القيم لا تقوم على المبادلة، فالأصل أن يُظهر الإنسان تمسكه بقيمه مع الجميع دون استثناء، وعليه أن يكون قدوة ونموذجاً صالحاً عندما يتعامل مع من يتجردون من هذه القيم، وبالتالي نحتاج إلى رؤية هذا التراث بمنظار القيم، ورواية هذا التراث بلسان القيم.

وأوضح الدكتور أحمد الحداد أن أنواع القيم، كثيرة جداً ككثرة شرائع الإسلام، والله سمى هذا الدين بالدين القيّم وهي تدل على القيم المثلى في الإيمان، وأعلى قيمة يتحلى بها الإنسان هي الإيمان بالله، وإذا تحلى به الغرس كان مصدراً مشعاً لباقي القيم الإنسانية، والمتحلي بالقيم يحظى برضا الله سبحانه وتعالى، ثم الرضا عن الرب وعن النفس، وكذلك التوكّل على الله، وأيضاً حسن الظن بالله.

وأضاف عندما يتحلى الإنسان بالقيم؛ فإن ذلك سينعكس على المجتمع المحيط به «الأبناء، الأسرة، الأصدقاء، الجيران، والمجتمع»، ما يضفي نوعاً من الشعور بالسعادة الذاتية في الدين والدنيا وستكون الأمة في غاية السعادة الذاتية والإنسانية، مشيراً إلى أن الشخص إذا سافر إلى بلد ما ووجد أهلها ذوي قيم؛ أحبّ هذا البلد وتمنّى العيش فيه.

وقال: البلد الطيب ذو القيم العالية يكون كالشامة بين البلدان، كما في الإمارات العامرة برئاسة القيادة الرشيدة وتعاملها الراقي مع من في الداخل والخارج أساسه القيم، فصارت بلد الأمن والأمان، وبات مواطنوها والمقيمون فيها جنوداً في المجتمع يحفظون أمنه ويحمون الوطن.

الصيام من القيم العليا

وأكد الحداد أن النفس البشرية تحتاج إلى مواسم الطاعات تذكرها بأسمى المعاني، وشهر رمضان يعتبر الموسم الكبير لغرس القيم النبيلة، حيث إن الصيام في حد ذاته أحد أهم القيم التي يريدها المولى عز وجل في الإنسان، لأن الصائم يراقب ربّه ويقدم أحبّ العبادات إلى الله، داعياً الناس إلى أهمية السعي للتحلي بالمثالية في القيم التي دعا إليها الخالق عز وجل، وكذلك التحلي بالصدق في إيماننا ومع مجتمعاتنا والنفس والآخرين، وفعل الفضائل التي نطالب غيرنا بفعلها والتحلي بها، لأن الإنسان المثالي يحتم على من يجالسه أن يكون مثله.

فيديو تعريفي

في بداية المحاضرة شاهد الحضور فيديو تسجيلياً تعريفياً عن اهتمام الإمارات بالقيم الإنسانية وتأصيلها في المجتمع الإماراتي منذ تأسيسها، وجهود القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في القيم الإنسانية وغرس هذه القيم في الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات، كما تضمن الفيديو أحاديث لعدد من المفكرين عن القيم الإنسانية في الإمارات.

1

المحاضران في سطور

أحمد الحداد

- مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، عضو مؤسس بمجلس حكماء المسلمين، عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي، عضو متعاون بجامعة محمد بن زايد الإنسانية، رئيس الهيئة العليا الشرعية بالمصرف المركزي، حاصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

عمر حبتور الدرعي

- مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، والمدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، له العديد من المؤلفات والدراسات في الفقه الإسلامي، عضو مجلس أمناء، أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، حاصل على درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"