عادي

وضحى الفلاسي:أحببت فلسفة الفيزياء بعد «عداوة»

22:28 مساء
قراءة 4 دقائق
في قاعات الدراسة
تميز دائم
شغف مستمر بالبحث

العين: راشد النعيمي

حكاية وضحى الفلاسي مع الفيزياء تجسد فكرة «المحبة بعد عداوة» وهي التي نشأت في عائلة تقدس العلم كانت الأم فيها تتابع وتشجع وتساند. ومن المفارقات أن وضحى الفلاسي رفضت منحة لدراسة الفيزياء لكن دراستها لمساق واحد منها جعلتها تتراجع لتجد نفسها تنهي البكالوريوس والماجستير وتدرس حالياً الدكتوراه في فلسفة الفيزياء سعياً لفهم تعقيدات الحياة.

تقول وضحى الفلاسي: نشأت في عائلة تقدس العلم والتعلم وحرصت والدتي على أن نكون الأفضل دائماً ولم تكن ترضى بأي تقصير ومن بداية الرحلة الدراسية كانت تتابعنا وتشجعنا دائماً. ولأن الدراسة الثانوية مرحلة فاصلة في مسيرة أي طالب، كانت مدرستي تحثنا دائماً على بذل جهدنا في دراستنا كما حرصت على تشجيعنا للاشتراك في الأنشطة الخارجية.

وتضيف: كانت دراستي الثانوية حافلة بمشاركاتي في مسابقات في شتى المجالات من أولمبياد علمية ومسابقات للخطابة والإلقاء، وكنت عضواً في جماعات عدة ساعدتني هذه المرحلة على تقويم شخصيتي واهتماماتي المستقبلية، فلم أكن أرى نفسي مستقبلاً إلا عضواً مؤثراً في المجتمع .

إصرار

بدأ مسير وضحى الفلاسي الدراسية الجامعية في 2010 وحينها حاول أغلب المحيطين بها تغيير رأيها، لكنها أصرت عليه لتجد نفسها اليوم تسير مع توجهات الدولة الحالية وأيضاً ممتنة على ثباتها في ذلك الوقت.

عن اختيارها لتخصصها تقول وضحى الفلاسي: لم أكن أحب الفيزياء وكنت أجدها صعبة الفهم حتى أنها كانت تمثل الدرجة الأقل في شهادتي كل عام رغم أني كنت طالبة متفوقة. بشكل عام كانت العلوم تبهرني دائماً وكنت أحب طبيعتها في تحفيز عقلي وكنت متيقنة قبل التحاقي بالجامعة أنني سأتخصص إما في الرياضيات أو الأحياء. بعد التحاقي بالجامعة، ومع أول فصل دراسي، التحقت بمساق الفيزياء العامة مع د.صالح ذاكر وبعدها ومن دون تردد قررت تغيير التخصص للفيزياء. والمضحك في الموضوع أنني كنت رفضت منحة للدراسة في جامعة أخرى لأنها كانت في الفيزياء وفي ذلك الوقت لم تكن ضمن خياراتي أبداً.

وعن طبيعة التخصص تقول: إن دراسة الفيزياء ليست بالأمر السهل، لكني أراها من أكثر المجالات متعة. يمكنك أن تنظر للفيزياء وكأنه كتاب يحمل في طياته إجابة عن تلك الأسئلة المحيرة في عالمنا المادي. مع كل مساق تكتشف أموراً جديدة وتفتح مداركك لمعلومات وتفسيرات علمية للحياة. وتضيف: رغم أن البعض قد يرى الفيزياء مادة صعبة ومعقدة، وهذا ما أسمعه دائماً عندما أشارك تخصصي مع أي فرد، إلا أنى أرى الفيزياء كمادة تساعدك على فهم تعقيدات الحياة. وبالإضافة إلى المادة العلمية الثرية التي يقدمها لي هذا التخصص، فإن الفيزياء لها فوائد عديدة على الصعيد الشخصي. تجد أن الفيزيائي يتعود على الصبر ولديه القدرة على النقاش دائماً بموضوعية وإدراك كما أنها تصقل قدرتنا على حل المشاكل بتأنٍ وفهم.

مستقبل واعد

حول أهمية التخصص للمجتمع وآفاقه المستقبلية ترى وضحى الفلاسي أن الإمارات تقف اليوم أمام مرحلة تحتاج للعلماء، خاصة في الفيزياء بكل التخصصات، فالدولة تهتم بالطاقة النووية والطاقة الشمسية والفضاء. وتقول: كل تلك المجالات في أمسّ الحاجة لتخصصي، لذلك وفرت جامعة الإمارات برامج تعليمية جامعية في تخصصي الفيزياء وفيزياء الفضاء، ولدينا برامج تعاون مع مؤسسات عالمية للأبحاث وورش العمل والمؤتمرات. وتعمل الجامعة على منحنا أكبر قدر ممكن من الخبرات فترسل بعثات صيفية إلى سويسرا لمختبرات CERN ونلت هذه الفرصة عام 2015. وعقد مؤتمر IWAM في رأس الخيمة وشارك فيه باحثون من دول مختلفة في فبراير/ شباط الماضي.

مواجهة التحديات

وضحى الفلاسي وهي أم وتتلقى دعماً من زوجها وتعمل أخصائية أكاديمية بينما تواصل دراسة الدكتوراه، تقطع يومياً أكثر من 120 كيلومتراً جيئة وذهاباً إلى مقر الجامعة وتواجه تحدي التوفيق بين العمل والدراسة والعائلة؛ فتبدأ يومها في الرابعة أو الخامسة صباحاً وتحرص على ترتيب وقتها وهو من أثمن الأشياء التي تملكها وهو ما اعتاد عليه جميع من حولها. ومع كثرة الأعمال والالتزامات تجد نفسها أحياناً على مشارف الاحتراق الوظيفي وحينها تلجأ للكتب والمحاضرات التنموية ملاذاً لها.

في المقابل ترى أن شخصية الدارس تتأثر بالتخصص حسب نوعه وقد يفرض عليه الانعزال عن المجتمع لفترات طويلة والتعامل مع مجموعات بشكل مستمر مما قد يؤثر في طبيعته الاجتماعية. وبالنسبة للفيزياء، تقول: قد تجد نفسك منعزلاً لحل مشكلة ما وضمن مجموعة لحل أخرى وهذا ما يجعلك قادراً على التعامل مع تغيير الأوضاع حولك كما أن بعض التخصصات قد تكون مبنية على أسس واضحة وخطوات محددة بنتائج معروفة ولكن هذا الأمر مختلف عما نشهده في البحث العلمي.

وترى وضحى الفلاسي أن تحديد الهدف من العلم واستكمال المسيرة العلمية والعملية خدمة الفرد والمجتمع، لذلك تنصح الطالب أن يبدأ بالبحث في سوق العمل المستقبلي ويدرس توجهات الدولة حتى وقت تخرجه، موضحة أن سوق العمل مفتوح ويجب ألا يحصر الإنسان تفكيره في التخصصات التقليدية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"