المسافة مع الناس وخطأ التعميم

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

يقال بأن وضع مسافة بينك وبين الناس يجلب السلامة والاطمئنان، ويجنبك سوء الفهم والكثير من المشاكل. ولكن السؤال كمْ تبلغ هذه المسافة؟ وهل تصل إلى حد المقاطعة والابتعاد عن التفاعل مع الآخرين؟ ثم من هم الناس الذين يجب وضع مسافة بينك وبينهم، هل تشمل أفراد الأسرة والاقارب، أم المقصود الزملاء والأصدقاء؟ 
الحقيقة أن هناك كثيراً من الكلمات التي يتم الزج بها على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم ترديدها على نطاق واسع، دون التأمل في عمقها والبعد الحقيقي الذي يمكن أن تصله، وهناك كلمات وشعارات تصلنا على هواتفنا الذكية، ونسارع في إعادة إرسالها لمن هم مضافون معنا، لأنها تحوي بريقاً ما أو أعجبتنا، لكننا لا ننظر إلى جانب آخر يتعلق بأثرها السلبي، فالكلمات التي تجدها مفيدة لك، قد لا تكون مفيدة لشخص آخر، نظراً لاختلاف الظروف الحياتية وطبيعة كل واحد منا، فلا توجد كلمات تحمل قاعدة عامة يمكن تعميمها على الآخرين. 
أدرك أن وضع حد بينك وبين الآخرين، وعدم التدخل في ما لا يعنيك ونحوها من الوصايا التي تذهب بك نحو تجنب الناس، سنجدها ماثلة في كلمات وتوجيهات ونصائح للكثير من المختصين والفلاسفة، وأتذكر في هذا السياق كلمة للفيلسوف والطبيب الراحل مصطفى محمود، الذي قدم للمكتبة المعرفية 89 كتاباً في عدة مجالات من العلوم والدين والفلسفة والاجتماع والسياسة، كما قدم نحو 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني المعروف على نطاق واسع في العالم العربي (العلم والايمان)، جاء في تلك الكلمة: «حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير، فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المُهلكة». 
إذن كيف نحافظ على تلك المسافة، وفي نفس اللحظة لا نرتكب خطأ المقاطعة أو حتى الابتعاد عن التواصل الدائم مع المقربين منا مثل أخواننا وأخواتنا وأحبتنا، خاصة أنه لم يصلنا منهم إلا كل خير ومحبة؟ مَن هم الناس الذين يجب أن نترك بيننا وبينهم مسافة حتى لا نصطدم معهم؟ وبالتأكيد إنهم من سبق وجربتهم، وعرفت وتأكدت بأنه من الأفضل تجنبهم، مَن ندرك ونعرف من خلال التجربة الواقعية معهم، وليس من خلال النقل والقيل، ندرك أنه من الأفضل تخفيف التواصل معهم والابتعاد قليلاً عنهم، وبالتالي هذه المسافة بينك وبين الناس ليست على إطلاقها ولا على تعميمها، بل عليك بصلة الرحم، والتواصل مع جيرانك وأصدقائك وبرهم وتفقدهم، هذه أخلاقنا ومبادئنا وقيمنا.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"