عادي

تعرف إلى «كوبري» كرة القدم

11:52 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: معن خليل
يلاحظ أن أي حركة فنية ومهارة في كرة القدم لا تحظى بالشعبية التي تنالها مهارة تمرير الكرة بين قدمي لاعب الخصم؛ وذلك للمعنى الكبير الذي تحمله وتبين مدى سخرية اللاعب الذي يؤديها واستهزائه بخصمه.
وقد فسر يوسف الثنيان نجم السعودية والهلال السابق والذي اشتهر بهذا الأسلوب أهمية هذه الحركة الفنية بوصف جميل عندما قال في حديث صحفي: «يعد الكوبري هو طريقة مهذبة للتعبير عن استهزائك واستخفافك بالخصم من أجل دفعه لفقد أعصابه مما يؤثر ذلك سلبياً في أدائه وعطائه داخل الملعب، أما السبب الذي يدفع الجماهير إلى التفاعل، فيرجع إلى شعورها أن لاعبي فريقها قادرون على التلاعب بخصومهم كيفما يشاءون».
قاموس التسميات
ويطلق على حركة تمرير الكرة بين قدمي اللاعب تسمية «كوبري» في الكثير من الدول العربية، وهي في الأصل كلمة تركية استخدمها المصريون وتعني الجسر، وهي في حالة كرة القدم فإنها الممر للاعب لكي يجتاز منافساً له من مكان واسترجاع الكرة في مكان آخر في الملعب.
كما يطلق عليها في لهجات عربية أخرى اسم «التبييض» و«الشخلة» بمعنى المصفاة، و«الموشي» التي تستعمل عند تطريز وزخرفة الثوب.
أما الكلمة التي تستخدم عالمياً فهي «Nutmeg» ومأخوذة من القاموس الإنجليزي وتدل على الخداع، لكن المفارقة أنها تعني في أصلها العام ثمار جوزة الطيب، وحسب كتاب بيتر سيدون «كرة القدم..اللغة والفلكلور»، فإن الكلمة انتشرت بسرعة للدلالة على تمرير الكرة بين قدمي اللاعب؛ وذلك بسبب أن ثمرة جوزة الطيب كانت غالية الثمن وخلال التجارة بين أمريكا وإنجلترا كان التجار في القرن التاسع عشر يلجأون إلى حيلة؛ حيث يبيعون كرات الخشب على أنها «جوزة الطيب»؛ إذ لم يكن كل الناس يعرفون طبيعة الجوزة أو رأوها من قبل.
وإسقاطاً على كرة القدم فإن كلمة «Nutmeg» أو جوزة الطيب تعني أن ضحايا تمرير الكرة بين قدميهم هم من المخدوعين الحمقى المغدور بهم، في حين أن صاحب التمريرة هو ذكي ومحتال بالمعنى الفني.
وعلى العموم، فإن طريقة «الكوبري» في كرة القدم تعد دليلاً على جماليات اللعبة والفنيات العالية للاعب الذي يقوم بها ولاسيما في أمريكا الجنوبية، في حين تدل في أوروبا ولاسيما إنجلترا وإسبانيا على أنها مسيئة للمنافس؛ لذلك لم يكن غريباً أن يلجأ لاعبو أتلتيكو مدريد إلى محاولة الاعتداء على البرازيلي نيمار عندما كان يلعب في برشلونة خلال مباراة بين الفريقين في كأس الملك الإسباني عام 2014.
ويعد نيمار وميسي وكريستيانو رونالدو من أبرز اللاعبين الذين اشتهروا بحركة «الكوبري» في السنوات الماضية، ولاسيما النجم البرازيلي نيمار الذي كاد يتسبب بأكثر من أزمة بسببها، وخصوصاً عندما كان يلعب في برشلونة.
وقال جابي فرنانديز قائد أتلتيكو مدريد آنذاك عن نيمار «إنه يقوم بحركات غريبة، خاصة عندما يكون فائزاً»، أما لاعب أتلتيكو السابق روبن جارسيا فأكد أن النجم البرازيلي سيواجه مشكلة يوماً ما بسبب طريقة لعبه.
لكن كان هناك من يدافع عن نيمار ومنهم لويس إنريكي مدرب برشلونة السابق ومنتخب إسبانيا حالياً الذي قال «نحن نعيش في بلد غريب؛ حيث يشعر البعض بالإهانة من لاعب استخدم مهارة إدخال الكرة بين قدمي المنافس، نيمار برازيلي ويفهم كرة القدم كعرض للتسلية والمنافسة».
نجوم الكوبري
لكن أبرز لقطة «كوبري» في السنوات الأخيرة كانت للأرجنتيني ليونيل ميسي عندما كان يلعب لبرشلونة وواجه مانشستر سيتي الإنجليزي في دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا عام 2016.
وقدم ميسي لقطات مبهرة عندما وضع الكرة بين قدمي لاعب سيتي جيمس ميلنر، وما أعطى لقطته قيمة إضافية أن بيب جوارديولا عندما كان مدرباً لبايرن ميونيخ الألماني كان متواجداً في مدرجات «نوكامب»؛ حيث أقيمت المباراة، ورصدته الكاميرا وهو يغطي وجهه إعجاباً بـ«كوبري» ميسي بين قدمي ميلنر ثم زميله البرازيلي فرناندينيو.
ومن أجمل الأهداف بعد حركة «كوبري» كانت للأوروجوياني لويس سواريز عندما كان يلعب لبرشلونة؛ وذلك في عام 2016 خلال مباراة في دوري أبطال أوروبا؛ حيث أهان كبرياء البرازيلي دافيد لويز مدافع باريس سان جرمان الفرنسي السابق بتمرير الكرة بين قدميه قبل أن يسددها بروعة في المقص الأيسر لحارس الفريق الباريسي.
ودخل البرتغالي كريستيانو رونالدو عندما كان يلعب لريال مدريد على الخط بكرة بين قدمي المدافع الأرجنتيني لنادي ملقة ماركوس أنغيليري خلال مباراة للفريقين في 2016، وهي الحركة التي وصفتها صحيفة «ماركا» الإسبانية أنها الأجمل وتتفوق على ما فعله ميسي ونيمار وسواريز معاً، بعدما راوغ «الدون» خصمه بطريقة أكثر من رائعة واستعان بكعبه، لتمرير الكرة من بين قدميه.
أما الويلزي جاريث بيل لاعب ريال مدريد فقد سجل هدفاً خرافياً في نهائي كأس الملك أمام برشلونة نفسه عندما مر عن المدافع باترا بطريقة استعراضية وقطع مسافة 58 متراً في 8 ثوان، قبل أن ينفرد ويضع الكرة بين قدمي حارس الفريق الكتالوني في 2015 خوسيه بينتو.
ونشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية تقريراً عن أفضل عشر لقطات «كوبري» قام بها اللاعبون في الساحرة المستديرة، ووضعت فيه لقطة رونالدو على ستيفن ديفيز ضمن مباراة البرتغال وأيرلندا الشمالية عام 2013 في المرتبة الثانية، بينما احتلت المرتبة الأولى لقطة رومان ريكليمي لاعب بوكا جونيورز الأرجنتيني على ماريو بيبيس لاعب منافسه ريفربلايت عام 2000.
كما كان لميسي تواجده في «توب 10» خلال لقطة له مع مدافع إشبيلية البوسني أمير سباهيتش خلال مباراة في الدوري الإسباني عام 2012 عندما وضع الكرة بين قدميه ثم سددها رائعة في شباك الفريق الأندلسي.
وتواجد الأرجنتيني فيرناندو ريدوندو لاعب وسط ريال مدريد الإسباني السابق في القائمة من خلال حركته على لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي هينينج بيرج عام 2000 في دوري أبطال أوروبا؛ حيث تلاعب ريدوندو بمدافع مانشستر السابق على الجناح بكرة بكعبه، قبل أن يرسل الكرة لزميله راؤول جونزاليس الذي لم يجد أي صعوبة تذكر في إيداع الكرة الشباك.
أما صانع ألعاب فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي السابق، الويلزي ريان غيجز، فقد كان له هو الآخر اسم لامع من بين أشهر اللاعبين الذين نجحوا في تنفيذ مهارة «الكوبري»، خلال المباراة التي جمعت فريقه بنظيره توتنهام هوتسبير في عام 1992، حينما راوغ المدافع ديان أوستن بتمرير الكرة بين قدميه ثم أنفرد بالحارس إيان ووكر وسجل في مرماه.
إعجاب وسخرية
وللدلالة على أهمية «الكوبري» في عالم كرة القدم فإن ما يثيره من ردود أفعال يؤكد ذلك، ويراوح الجنون بهذه الحركة الفنية بين الإعجاب والسخرية، ويشترك فيه عبر مواقع التواصل الإجتماعي الجمهور العادي وكبار اللاعبين السابقين والحاليين.
التفاعل مع «كوبري» ميسي مثلاً للاعب مانشستر سيتي ميلنر لم يكن عادياً، وأثار ردود فعل واسعة؛ حيث عبر اللاعب الدولي الإنجليزي السابق ريو فيرديناند عن إعجابه بأداء اللاعب الأرجنتيني وغرد وقتها: ميسي يستطيع أن يفعل بك كوبري في كابينة هاتف.
أما أظرف تعليق فجاء من حارس مرمى فريق ستوك سيتي الإنجليزي السابق باتلاند الذي كتب «أتابع المباراة وقدماي مغلقتان خوفاً من كوبري ميسي».
وفي لقطة لويس سواريز مع مدافع باريس سان جرمان البرازيلي دافيد لويز بلغت السخرية أوجها، وبدأ المهتمون بعالم كرة القدم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور المهاجم الأوروجوياني وهو يضع الكرة في فتحة برج إيفل الشهير التي تمثل شعار باريس سان جرمان، في حين وضع ديفيد لويز كنصب تذكاري على البرج مع تبيان النفق من تحته.
وما زال مشجعو كرة القدم يتذكرون اللقطة التاريخية للنجم البرازيلي روماريو وهو يمرر الكرة بين قدمي أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييجو مارادونا خلال لقاء منتخبيهما في بطولة كوبا أمريكا عام 1989 والتي يتباهى بها محبو «السامبا» حتى الآن.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"