صانع ورق وناشر.. سيئا الحظ

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

يأتي في الموسوعة العربية أن أوّل من صنع الورق العادي على النحو المعروف اليوم رجل صيني اسمه تساي لون، وجاء في الموسوعة أن الرجل كان موظفاً في بلاط الإمبراطور الصيني هو تي، وقام بصناعة الورق من لحاء شجر التوت بعدما نقعه في قالب من الخيزران، وكان ذلك في حوالي المئة ميلادية.
يجني تساي لون من وراء صنع الورق ثروة كبيرة ومكانة اجتماعية رفيعة، فقد كرّمه الامبراطور وقرّبه إليه، لكن ذلك لم يدم طويلاً، فقد مات تساي لون منتحراً بعد تورطه في مؤامرة ومكائد في البلاط.
إلى اليوم، نحن في حاجة إلى ورق تساي لون الذي عرف طريقه من أقصى الشرق إلى أوروبا عبر طريق الحرير، وسوف يحل الورق محل «الرق» في الطباعة، على يد مخترع الطباعة الحديثة في أوروبا وفي العالم يوهانس غوتنبرغ، 1397-1468، ومثل تساي لون كان غوتنبرغ سيئ الحظ، فقد قاده مصيره وحاجته إلى المال لاستكمال مشروعه الطباعي إلى استدانة المال من رجل ثري يُدعى يوهانس فوست، الذي سيستحوذ على المطبعة الحديثة التي اخترعها غوتنبرغ، الذي لم ييأس أو يتراجع عن حلمه في طباعة الكتب بطريقة حديثة.
نشير هنا أن فوست، الذي استحوذ على مطبعة غوتنبرغ قد اتخذ للمطبعة شارة طباعية أو «لوغو» دار نشر كما هو مألوف اليوم للشارات الطباعية التي تضعها دور النشر على أغلفة إصداراتها، فماذا كانت شارة مطبعة فوست التي هي في حقيقتها مطبعة غوتنبرغ. كانت الشارة رسمة لدرعين معلّقين على غصن، بحسب ما جاء في الجزء الأول من «تاريخ الكتاب» الصادر في شباط 1993 عن سلسلة عالم المعرفة في الكويت.
هل كان يوهان غوتنبرغ أوّل ناشر أو هل كان واحداً من أوائل من طبعوا الكتب في تاريخ الورق والنشر؟ ربما، ولكن هذا السؤال الفضولي يقودنا إلى التساؤل عن العناوين أو الكتب التي صدرت عن مطبعة أو «دار غوتنبرغ»، وهي بحسب ما جاء في «تاريخ الكتاب» ثلاثة أو أربعة كتب، فقد عمد غوتنبرغ أولاً لإصدار أو طباعة التوراة، وأصدر كتاباً آخر بعنوان «التقويم التركي» في العام 1454، وخلال العام ذاته أصدر كتاباً آخر بعنوان «القدّاس الخاص»، ويقول مؤلف «تاريخ الكتاب» إن هناك ما يؤكد نسبة كتاب آخر إلى غوتنبرغ وهو بعنوان «الجامع» لجوفاني بالب وكان هذا الكتاب قد ألّف سنة 1286، وَنُسِخَ مرّات كثيرة خلال القرون الوسطى.. لأنه كان مرغوباً... أما كتاب «المزامير» الذي صدر قبل موت فوست بالطاعون، الرجل الذي استولى على مطبعة غوتنبرغ، فقد حمل للمرة الأولى الشارة الطباعية.
كان غوتنبرغ وفقاً ل «تاريخ الكتاب» ذا إرادة قوية وحيوية كبيرة، لكنه أمضى سنواته الأخيرة في بؤس بعدما فقد بصره إلى أن توفي في العام 1462.
صنع تساي لون ورقة أثارت إعجاب إمبراطور الصين، وصنع يوهان غوتنبرغ مطبعة فتحت شهية أحد رجال المال على الطمع والاستغلال، وفي النهاية هي قصة رجلين ساعدا البشرية على القراءة والتوثيق والكتابة.. الأول صنع مجده العابر السريع من لحاء الشجر، والثاني صنع مجده من الحبر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"