عادي

أتيت لصاً أم مفسر أحلام؟

22:28 مساء
قراءة 3 دقائق
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

- كثيرة هي قصص الحمقى والمغفلين، بعضها تحدث عنها العلماء في أبواب مخصصة، وبعضها الآخر أفردوا لها كتباً وشعارهم في ذلك قول الشاعر: لكل داء دواء يُسْتَطَبُّ بهِ.... إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها.

ومن هذه القصص قصة لص سمع أن هناك كبيرة في السن تملك الكثير من المال، فما كان منه إلا أن انتظر جنوح الليل وتسلل إلى بيتها، لكن المرأة لم تستطع في تلك الليلة النوم، وكأن قلبها يحدثها أن هناك من يريد سرقتها، وبالفعل دخل اللص فوجدها جالسة على السرير، وعرفت أنها لن تستطيع منعه أو مقاومته، ولا بد من الحيلة معه، فقالت له يا بني: إنك لم تأتِ إلى بيتي إلا لأنك فقير محتاج، أخرجتك الحاجة في جنح الليل متخفياً، لكي تؤمن الطعام لنفسك، فقال اللص في نفسه إنها عجوز قد أصابها الجنون، وسأتمكن من أخذ مالها بالتظاهر بالحاجة، فقال لها: صدقت فأنا فقير وأحتاج إلى المال، فقالت له خذ كل ما معي من ذهب، وسأعطيك المزيد من المال، لكني أريد منك أن تفسر لي مناماً أرقني واستيقظت بسببه فزعة فقال اللص: في نفسه، سأظهر أني مهتم لحالها، وحريص على تفسير منامها، فقال لها قُصي عليّ يا خالة ذلك المنام، فقالت له حلمت أنني أسير على ضفة نهر، وبينما أنا أسير سعيدة هانئة، أقلب ناظري يميناً ويساراً أستمتع بالمناظر الجميلة؛ وإذ بي أسقط في الماء وأنا لا أعرف السباحة فأخذت أنادي: يا عبده يا عبده أنقذني، وعبده لا يسمع صوتي، وأكرر مرة أخرى بصوت عالٍ: يا عبده يا عبده، أرجوك ساعدني، وعبده لا يسمعني، وأكرر: يا عبده يا عبده سأموت إن لم تساعدني (وعبده هذا هو ولدها يسكن في الطابق العلوي) . وبينما هي تكرر للص نداءها؛ إذ بشاب قوي البنية يحمل عصاً كبيرة ينزل مسرعاً، وينهال على اللص بالضرب حتى أدماه فقالت له أمه: كفى يا عبده سيموت بين يديك من شدة ضربه، فقال اللص: ناشدتك الله يا عبده شد عليّ بالضرب حتى تميتني، فأنا أستحق الضرب، فهل جئت إلى هنا لصاً أم مفسر أحلام؟

ومن قصص الحمقى أن أحدهم اشترى عشرة حمير وركب أحدها، وبينما هو يسير في الطريق أراد عد الحمير حتى يتأكد أنها عشرة، وبدأ العد ونسي أن يعد الحمار الذي يركبه، فوجدها تسعة، فنزل فعدها فوجدها عشرة، وكرر مرات ومرات يركب الحمار ويعد، فيجدها تسعة ثم ينزل فيعدها فيجدها عشرة، فقال: أركب فأخسر حماراً، وأمشي فأكسب حماراً فالأفضل أن أمشي وأكمل طريقه ماشياً.

ومن نوادر الحمقى ما قصه الأصفهاني عن أبي حية النميري، وهو الهيثم بن الربيع بن زرارة وكان جباناً بخيلاً كذّاباً، قال ابن قتيبة: وكان له سيف يسميه: لعاب المنية: ليس بينه وبين الخشبة فرق، وكان أجبن الناس. وقال: حدثني جار له، قال: دخل ليلة إلى بيته كلب فظنه لصاً، فأشرفت عليه، وقد استل سيفه، وهو واقف في وسط الدار يقول: أيها المغتر بنا، المجترئ علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك، خير قليل، وسيف صقيل، لعاب المنية الذي سمعت به، مشهورة ضربته، لا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك، إني والله إن أدع قيساً، (قبيلته)، إليك لا تقم لها، وما قيس؟ تملأ والله الفضاء خيلاً ورجلاً، سبحان الله! ما أكثرها وأطيبها. فبينما هو كذلك، إذا الكلب قد خرج، فقال: الحمد لله الذي مسخك كلباً، وكفانا حرباً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"