عادي
بناء الوعي

بناء الأسرة وحمايتها

00:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

يجدد د.نبيل السمالوطي، عميد كلية الدراسات الإنسانية الأسبق في جامعة الأزهر بالقاهرة، تأكيد أن الأسرة هي الركيزة الأساسية في بناء المجتمع وتماسكه، وهي خط الدفاع الأول عنه، ولذلك حرص الإسلام على سلامتها وحمايتها، وبنائها بناء صحيحاً، حفاظاًَ على سلامة المجتمع وأمنه واستقراره، وتحقيقاً للمصالح والمنافع البشرية وعمارة الكون.

يقول السمالوطي: موقع الأسرة من المجتمع كموقع القلب من الجسد، والحق سبحانه وتعالى يقول «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» الآية (21) سورة الروم، فالمودة والرحمة ضمانتان لاستقرار الأسرة، وذلك يتطلب التوعية بأهمية الحفاظ على الحياة الزوجية، وتربية الأبناء على القيم، وتكون هذه التوعية عبر منظومة شاملة يشارك فيها العلماء والدعاة وخبراء علم النفس والاجتماع والرأي العام، وتنسيق بين الجهات المختصة بالتوعية، بهدف أن تتكامل الجهود.

ويضيف أن التفاهم بين الزوجين ينبغي أن يظهر في سلوك وتعامل الأبناء داخل المجتمع، لأن سنوات الطفولة الأولى هي الفترة التي تتشكل فيها شخصية الطفل، والقيم والأخلاق التي تعلمها تظل تؤثر في تصرفاته طوال حياته، وهذا يعني أن خطط بناء الوعي تبدأ من الأسرة. ويشدد على أهمية وجود برامج إعلامية مستمرة للتوعية بسبل حل الخلافات الأسرية، وعلاجها بما يضمن حياة كريمة لأفراد الأسرة، لأنه لا حديث عن وعي شامل في المجتمع، إذا كانت هناك أسر تعاني خلافات وأزمات بين الزوجين يتأثر معها الأطفال سلباً، وتتفاقم المشكلات الاجتماعية.

ويؤكد السمالوطي أن المودة والرحمة بين الزوجين ضمانة لمواجهة كل المحن والشدائد، ولذلك لابد من اختيار شريك الحياة بطريقة عقلانية لأن ذلك من أهم شروط نجاح الزواج، مع مراعاة القبول والتوافق النفسي والاجتماعي بين الزوجين. ويضيف: ينبغي أن تمتد التوعية لكيفية مواجهة المحن التي تتعرض لها الأسرة نتيجة أي ظروف، وتقديم النصائح للمقبلين على الزواج بأن الحياة ليست وردية، ولابد من التحمل والصمود وعدم الانهيار أمام أول مشكلة. والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»، وهذا يعني ضرورة أن يقوم الزوج بدوره في رعاية الأسرة على أكمل وجه، وتقوم الزوجة بدورها، لأن ذلك السبيل الأمثل لحماية نواة المجتمع.

والأسرة الحقيقية ليست، في رأي السمالوطي، تلك التي تكفل لأبنائها الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والصحية فحسب، بل التي تهيئ لهم الجو النفسي الملائم أيضاً، ومن هنا فإن مجرد وجود طفل في بيت واحد مع والديه لا يعني دائماً أنه يعيش في أسرة متكاملة أو يلقى العناية الأبوية الكافية منهما، والجو الأسري المستقر الذي تحيط به العواطف الأسرية له تأثير إيجابي كبير في صحة الطفل وسلوكه وتعامله مع الآخرين. ويقول: يزداد الأمر صعوبة عندما يكون هناك انفصال بين الزوجين، فيزداد التأثير السلبي في الطفل، الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك مواجهة لزيادة معدلات الطلاق، وتوعية الأزواج بضرورة تحمل صعوبات الحياة لأجل مصلحة الأبناء، وهذه المهمة حماية للمجتمع كله.

وينصح السمالوطي بأن يكون الهدف الأول لكل من الزوجين تحقيق التوافق الأسري، موضحاً أنه يكتسب من خلال تجارب الحياة، ويتحقق بالتخطيط الجيد والعمل بكل جهد لمصلحة الأبناء وتجنب دواعي الخلاف والنزاع والتشاحن، وزيادة عوامل التوافق بين الزوجين، وأن يكون كل منهما سبباً في سعادة شريكه. ويطالب الجهات المختصة بالتوعية الأسرية بألا تكتفي برد الفعل، لكن عليها دائماً أن تبادر.

ويرى أن الخطاب الديني ينبغي أن يركز على قضايا الأسرة، وأن الأمر لا يقتصر على توعية المتزوجين، بل الأفضل البدء بالمقبلين على الزواج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"