تدريس اللغة ليس مهنة

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يتساءل أساتذة العربية: ما هو مستقبل العربية؟ الحديث ليس عن عشاق لغتنا، لأمور شرحها يطول. يقيناً، السؤال أكثر إلحاحاً في هذا الشهر الفضيل، الذي أنزل فيه القرآن هدى ورحمة. طريف أن أصل الهدى في اللغة: النهار والطريق، لذا علينا أن نطمئن إلى أن مستقبل العربية واضح كالنهار، وطريقها واضحة. استطراداً: الوضوح أيضاً مشتق من الوضح، وهو بياض الصبح، والضوء والبياض. بالمناسبة، في المأثور: «صوموا من الوضح إلى الوضح».
لماذا الحديث تخصيصاً عن أساتذة العربية، في كل مراحل التعليم؟ لا داعي إلى إحساسهم بالاستفزاز، لأن القضية تشمل أيضاً جميع علماء اللغة، سوى أن على المدرّسين من الابتدائية إلى الجامعة، أن يدركوا أنهم في صميم جهاز مناعة العربية ومنه، وفي وعي العربية وضميرها ووجدانها، لكن قد لا يشعرون جميعاً. فليأخذوا العتاب بحِلم ورحابة ذهن وعميق فكر، إذا هم سمعوا قولاً ثقيلاً، وربما أول مرة: إن أنظمة التربية والتعليم في العالم العربي بأسره، لم تبرهن يوماً عملياً على وعي جمعي إزاء واقع العربية. سجل عملهم طوال القرن العشرين وما تلاه، يدل على أنهم يؤدون وظيفة تعليمية، من دون علاقة فاعلة في حاضر اللغة وغدها.
لك أن تقول إن الجهات المعنية المتعددة، المسؤولة عن واقع اللغة ومصيرها، جميعاً في حالة تواكل متبادلة، معاذ الله القول إنها غير مكترثة. للتدليل على حقيقة «التطنيش العام»: البحوث والدراسات التي أنجزت في البلاد العربية، في شأن مشكلات العربية وإشكالياتها، وأسباب تراجع مستويات دارسيها وتأهيل مدرسيها، ومقترحات تطويرها، وعشرات التفرّعات والتشعّبات، لو وضعت طبقاً عن طبق، لصار برج إيفل قزماً تحتها. كأن بين الباحثين ميثاق شرف على طريقة أبي فراس: «نعم أنا بحّاث وعندي دراسةٌ.. ولكن مثلي لا يذاع له سرُّ». البحوث كثيرة والفعل غائب.
في سبيل التنفيس بتوزيع الملامة، حتى يضيع حق المطالبة: يجب أن نكون واقعيين. اللغة العربية لغة جميع العرب، أربعمئة مليون نسمة في اثنين وعشرين بلداً، وتطوير التعليم، ومنه مناهج العربية، يتطلب سلطة إصدار القرار في شأن لغة كل العرب، بينما ليس من السهل اتفاقهم على عبور البطاطس والبرتقال. ثم إن التطوير يتطلب ميزانية باهظة، فكل يصرخ: «أأنا العاشق الوحيد.. لتُلقي.. تبعات الهوى على كتفيّا؟».
لزوم ما يلزم: النتيجة العددية: كم من مدرّس عربية في العالم العربي؟ هل هم مجرد موظفين؟ العربية إلى أين؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"