عادي

هل يستطيع الاحتياطي الفيدرالي إبطاء الاقتصاد وكبح التضخم؟

14:29 مساء
قراءة 3 دقائق
بورصة نيويورك في وول ستريت

دبي: هشام مدخنة

في الأوقات العادية، يُنظر إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أنه الفارس الذي يحمي من ارتفاع الأسعار ويكبح التضخم. لكن يبدو هذه المرة أنه بحاجة إلى بعض المساعدة.

سيرفع البنك المركزي أسعار الفائدة المعيارية قصيرة الأجل، مع خفض أكثر من 8 تريليونات دولار من السندات التي تراكمت على مر السنين للمساعدة على الحفاظ على تدفق الأموال عبر الاقتصاد. وبموجب مخطط الفيدرالي، فإن الانتقال من هذه الإجراءات إلى تضخم أقل يسير وفقاً لما هو مرسوم له.

العرض والطلب

تجعل المعدلات المرتفعة المال أكثر تكلفة والاقتراض أقل جاذبية، وهذا بدوره يؤدي إلى إبطاء الطلب لمواكبة العرض الذي تأخر بشدة خلال الوباء. وانخفاض الطلب يعني أن التجار سيتعرضون لضغوط لخفض الأسعار من أجل جذب الناس لشراء منتجاتهم.

وتشمل الآثار المحتملة انخفاض الأجور، ووقف ارتفاع أسعار المساكن أو حتى خفضها، وانخفاض التقييمات لسوق الأوراق المالية التي صمدت حتى الآن بشكل جيد في مواجهة التضخم المرتفع وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

قال جيم بيرد، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بلانت موران» للاستشارات المالية: «لقد نجح بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى حد معقول في إقناع الأسواق بأن توقعات التضخم طويلة الأجل لا تزال تحت السيطرة. ونحن بدورنا سنظل نراقب ذلك عن كثب للتأكد من أن المستثمرين لا يفقدون الثقة في قدرة البنك المركزي على كبح جماح التضخم على المدى البعيد».

ارتفع التضخم الاستهلاكي بمعدل سنوي قدره 7.9% في فبراير/شباط الماضي وربما سيرتفع بوتيرة أسرع في مارس/آذار. وقفزت أسعار البنزين بنسبة 38% خلال فترة ال 12 شهراً الأخيرة، في حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.9%، كما ارتفعت تكاليف المأوى بنسبة 4.7%، وذلك بحسب بيانات وزارة العمل.

لعبة التوقعات

يلعب العامل النفسي دوراً مهماً كذلك في هذه المعادلة، إذ يُعتقد أن التضخم هو نبوءة تحقق ذاتها. فعندما يظن المستهلكون أن تكلفة المعيشة سترتفع، فإنهم يعدلون سلوكهم وفقاً لذلك. وبالتالي ترفع الشركات الأسعار، ويطالب العمال بأجور أفضل. ويمكن أن يؤدي تكرار هذه التوقعات إلى زيادة التضخم.

وهذا هو السبب في أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لم يوافقوا فقط على رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولكنهم تحدثوا بحزم أيضاً بشأن التضخم، في محاولة للجم التوقعات المستقبلية.

وتعتبر الظروف المالية الحالية وفقاً للمعايير التاريخية فضفاضة، على الرغم من تشديدها. وفي هذا السياق، ألقت محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد، التي طالما عُرفت بتأييدها لأسعار الفائدة المنخفضة، خطاباً أذهل الأسواق الأسبوع الماضي، عندما قالت إن السياسة بحاجة إلى أن تكون أكثر تشدداً.

وقال مارك زاندي من «موديز أناليتيكس»: «الفيدرالي بحاجة إلى إبطاء النمو، وإذا سحب قليلاً من زخم سوق الأسهم، واتسعت هوامش الائتمان، وأصبحت معايير الاكتتاب أكثر إحكاماً، وتباطأ نمو أسعار الإسكان، فإن كل ذلك سيسهم في خفض نمو الطلب واعتدال الاقتصاد». معتبراً أن الخوف الأكبر لدى صانعي السياسة هو ألا يتسببوا في تراجع بقية الاقتصاد في نفس الوقت الذي يحاربون به التضخم. وأنهم بحاجة إلى القليل من الحظ، وإذا حصلوا عليه، سيكونون قادرين على تحقيق مبتغاهم وسيتراجع التضخم وتنحسر مشاكل جانب العرض ويتباطأ نمو الطلب. وغير ذلك، سندخل في سيناريو الركود التضخمي.

وبعد شهور من الإصرار على أن التضخم كان «مؤقتاً»، يضطر البنك المركزي الآن إلى التشديد بسرعة. ومع ذلك، فمن المؤكد أن احتمالات حدوث ركود تبدو منخفضة في الوقت الحالي، حتى مع انعكاس منحنى العائد اللحظي الذي غالباً ما ينذر بوقوعه. وأحد أكثر المعتقدات انتشاراً هو أن التوظيف، وتحديداً الطلب على العمال، أقوى من أن يولد الركود. إذ يوجد الآن حوالي 5 ملايين فرصة عمل أكثر من العمالة المتاحة، وفقاً لوزارة العمل، مما يعكس واحداً من أضيق أسواق الوظائف في التاريخ.

لكن هذا الوضع يساهم في ارتفاع الأجور أكثر، والتي ارتفعت بالفعل 5.6% عن العام الماضي في مارس. ويقول الاقتصاديون في بنك «جولدمان ساكس» إن فجوة الوظائف هي حالة يجب على الاحتياطي الفيدرالي معالجتها أو المخاطرة بالتضخم المستمر. وبأن المركزي قد يحتاج إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى النطاق السنوي 1% - 1.5% لإبطاء سوق العمل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"