«الزقوم»

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

من أبرز التطورات التي طرأت على الدراما، أنها صارت عابرة للدول، لا تتقيد بهوية واحدة ولا عنصرية فيها تجبرها على حصر العاملين فيها بجنسية واحدة، فتجد المنتج من بلد والمخرج من بلدٍ آخر والمؤلف من بلد ثالث، والأبطال يشكلون لوحة ناطقة بأكثر من لهجة ويأتون من أكثر من بلد عربي.
«الزقوم» مسلسل إماراتي، لكنه يضم باقة من الأسماء الفنية الآتية من أكثر من بلد وهو إنتاج إماراتي بحريني، وفي مقدمة ممثليه النجم الكويتي سعد الفرج، إخراج البحريني أحمد يعقوب المقلة وتأليف الإماراتي إسماعيل عبد الله الذي يعتبر أول أسباب نجاح المسلسل، حيث استطاع عبد الله تقديم قصة مختلفة، صحيح أنها تتناول قضية الوفاء والخيانة، الطمع والصراع على السلطة والمال، لكن التفاصيل ومسار الأحداث مختلفان. هذا المسار يتماشى مع الزمن الحالي ويضيف لمسة من التشويق والغموض والألغاز فينجح في شد انتباه الجمهور وتشويقه لمتابعة المسلسل، كما يتميز بأنه يحثنا على التشكك في الشخصيات، وانتظار أن تنقلب الحقائق بين لحظة وأخرى، وتنقلب الأدوار، فمن كنا نحسبه شريراً نجده طيباً والعكس صحيح.
منذ الحلقة الأولى استطاعت النجمة هيفاء حسين وضع بصمة مختلفة، شخصية العنود التي تقدمها هنا لا تشبه هيفاء والأدوار التي اعتدنا رؤيتها تجسدها، والتي تميل غالباً للطيبة والخير والبراءة، فالعنود امرأة متسلطة، قوية، تخطط وتنفذ وتحرك الناس من حولها كيفما تشاء. تستحق هيفاء حسين الإشادة بالنضج الواضح في الأداء، وقدرتها على تصدر المشهد وتحمّل مسؤولية بطولة أولى لأي مسلسل. هيفاء يشكل معها الفنان الإماراتي علي جمال ثنائياً قوياً في مشاهد التحدي والعنفوان، وكلاهما خير وجه للصراع الحقيقي على السلطة والطمع والحقد.
طبعاً للنجم الكبير سعد الفرج حضور طاغ، بهيبته وخبرته تشعر بأنه يقود الجميع ويمتلك خيوط اللعبة بين يديه، كما يجمع المسلسل نجوماً وممثلين كثراً: حبيب غلوم، سعاد علي، فاطمة الحوسني، قحطان القحطاني، وغيرهم.. مجموعة نجحت في تقديم عمل جيد.
ماذا ينقص المسلسل؟ الإيقاع السريع خصوصاً أن المسلسل ليس مجرد دراما اجتماعية قائمة على قصص حب وطلاق بل يتضمن تشويقاً وأسراراً وألغازاً. الإخراج لا يبهرنا، لا نفهم مثلاً لماذا التصوير عن بُعد في جلسة حوار لأفراد الأسرة حول المائدة، خصوصاً أننا في الحلقات الأولى لم نحفظ بعد أسماء الشخصيات ولا يمكننا أن نميز بين الأصوات ونربطها بأصحابها، ويطول المشهد على هذه الحال قبل أن يقرر المخرج تسليط الكاميرا على الوجوه.
 تسريع الإيقاع يساعد في إدخال المشاهدين في نفس أجواء التشويق والغموض التي تفرضها الأحداث، كما يدعم أيضاً أداء الممثلين ويرفع من مستوى التحدي والتنافس، ويمنح الجمهور إحساساً أعلى بالحماس والرغبة في مواصلة المشاهدة واكتشاف الأسرار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"