ثورة الدماغ بعد ثورة الفيزياء

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل نسي القلم أمس ما يجعل العنوان جملة مفيدة؟ «تدريس اللغة ليس مهنة». هو أمانة، رسالة، إبداع، ابتكار، فن... لكن التعميم أهمّ، فتدريس أيّ مادّة ليس مهنة فقط. بين يدي المعلم أدمغة المستقبل. التربية والتعليم أساساً مسؤولية مستقبلية. ههنا بؤرة المشكلات التي استعصى إدراكها على أنظمة التعليم العربية.

المعنيّ بالتعليم منذ اليوم الأوّل في الابتدائية، دماغ فيه 86 مليار عصبون (خلية عصبيّة)، بينها 86 تريليوناً من التشابكات العصبية. انطلاق وضع المناهج من هذه الحقيقة يختلف تماماً عن النظر إلى دماغ الطفل وكأنه وعاء يجب ملؤه بموادّ مقرّرة. منذ اليوم الأوّل، يكون التلميذ خطة لمشروع تنمويّ على مدى ستة عشر عاماً. بعد التخرّج، قد يحتاج إلى عقد آخر ليبلغ أوج العطاء. أمّا إذا سلك طريق البحث العلمي، فقد يتطلب عشر سنوات أخرى. ليس دائماً تبزغ شمس العبقرية مبكّراً، يقول الشاعر المسرحي كورناي: «القيمة لا تنتظر أبداً عدد السنين».

معنى أن التعليم خطة مستقبليّة أن تكون المناهج استشرافية، لديها خيال علمي. أن تبصر كيف ستكون العلوم والتكنولوجيا بعد عقدين. مهمّة شاقة، لكنها شائقة. في يوم، في شهر، في سنة، يمكن أن تحدث طفرة علمية تقانية، تنجم عنها كرة ثلج، أو رفّة جناح فراشة تغيّر العالم. العلماء الذين يتطلعون إلى الأفق العلميّ عيونهم لا تفارقه لحظة، وهم في دأب بلا هوادة، أدمغتهم تردّد: «ما أشبه الليلة بالبارحة». مع طلوع شمس القرن العشرين، حدث انفجار عظيم في الفيزياء غيّر كل شيء، كل المفاهيم، المادّيّ والأفكار والرؤى: النسبية العامّة، فيزياء «الكوانتوم»، فمنذ مطلع القرن الماضي ونحن نعيش المتتاليات والتداعيات. الآن، ما خفي أعظم. إطلالة شمس القرن الحادي والعشرين شهدت انفجاراً أعظم. لعل الله يرأف بالسمع العربي فتصل إليه الأصوات والأصداء. لقد اكتشف العلماء نفحة من أسرار الدماغ البشري. كان حريّاً بالمخ العربي أن يتلقّف المسألة وهي طائرة: أوَ ليس في قرآنه أن الإنسان خليفة الله في الأرض؟

صار أهل الخيال المعجون بالعلم يسافرون بعيداً في رؤى تريهم أن الروبوتات التي أتت إلى الدنيا أمس أو أمس الأوّل، ستكون بين المنظومات والمجرات، كأنها ألعاب «أولاد حارتنا» في أزقّتنا. التعليم مسؤولية مستقبلية.

لزوم ما يلزم: النتيجة النجوميّة: إذا كانت كرة ثلج الفيزياء فعلت كل عجائب القرن الماضي، فماذا وراء «بيج بانج» الدماغ؟ أين المسحّراتي؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"