شهر التوبة

00:02 صباحا
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه الشويهي

من المعاني التي تحملها تسمية شهر الصيام بشهر رمضان، أنه شهرٌ ترتمض فيه الذنوب، أي: تحترق.. قال القرطبي: «إنما سُمِّي رمضان لأنه يرمض الذنوب، أي يحرقها بالأعمال الصالحة».
وإضافة إلى حرق الذنوب في رمضان مع الصيام والقيام، فبوسع المرء أن يوسع محرقة الذنوب، ليرمضها كلها، صغارها وكبارها ظاهرها وباطنها باستيفائه شروط التوبة النصوح من كل ذنب، استجابة لأمر الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا». ويقول جل في علاه في الحديث القدسي: «يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم».
وذلك بأن يقلع المرء عن الذنب في الحاضر، ويندم عما كان منه في الماضي، ويعزم على ألا يعود إليه في المستقبل، مع رده المظالم إلى أصحابها، فأي عذر للمرء في شهر يقال فيه: «يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر»؟
 شهر الصوم فيه تلك الخصوصية لذاته، فإن مجرد صيامه إيماناً واحتساباً يحرق الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، فرمضان هو موسم التائبين، ومن لم يتب فيه فمتى يتوب؟
 يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب 
حتى عصى ربه في شهر شعبان
 لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
 فلا تصيّره أيضاً شهر عصيان
 ومن أعظم الأمور المعينة على التوبة، أن يستحضر الإنسانُ سعة رحمة الله، سبحانه وتعالى، فهو القائل جل في علاه: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم».
وهو الذي يتحبب إلى عباده ويناديهم جل في علاه كما في الحديث القدسي: «يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة».
لا إله إلا الله ما أعظم رحمة الله، وما أوسعها «ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم».
يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف
 ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
 أبشر بقول الله في تنزيله: 
«إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف»
 آن لثياب العصيانِ أن تخلع في رمضان، ليُلْبِس اللهُ العبدَ ثيابِ المغفرة والرضوان...
فاللهم امنُن علينا بِتوبةٍ تمحو بِها ما كان منّا في الزّمانِ الأوَّل.
حديث شريف
عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: «كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَجْوَدَ الناسِ، وكان أَجْوَدَ ما يكونُ في رمضانَ حِينَ يَلْقاهُ جبريلُ، وكان يَلْقاهُ في كلِّ ليلة مِن رمضانَ فَيُدارِسُه القرآن، فَلَرسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، أجْوَدُ بالخير من الريح المُرسَلة».
فتوى
- ما حكم الأكل والشرب بعد سماع أذان الإمساك، إيذاناً بدخول وقت الصيام؟
} من المعلوم شرعاً أن وقت وجوب الصوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق، فيجب حينئذ الإمساك عن المفطرات. وأذان الإمساك الذي تعارف عليه الناس في بعض الدول تنبيه لاقتراب وقت الفجر، ولا يترتب عليه حكم شرعي، لأن وقت الصوم يبدأ بطلوع الفجر الصادق، والنبي، صلى الله عليه وسلم، أرشد صحابته إلى ذلك فقال: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإِنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"