عادي

عمر أبو سالم.. شاعر الندى والحب

23:19 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

ظل نبض الشعر رفيقاً لعمر أبو سالم الشاعر المرهف طوال رحلته الإعلامية والثقافية، سواء في الأردن أو في الإمارات، هذا البلد الذي أحبه فأخلص له وأورق بين يديه قصائد تضاف إلى سيرته الإبداعية المرهفة.

هو شاعر من جيل الثمانينات، في سيرته نحو 8 دواوين شعرية، صدرت ما بين عمّان وبيروت والشارقة ودبي، عرفته الأوساط الأدبية إنساناً رقيقاً وحالماً، وهو في كل ما أسند إليه من مناصب إعلامية وأدبية، لم تفارقه ابتسامة الأخ والصديق والزميل. كان على الدوام مزهوّاً بفكرة الوطن، هذا الوطن الذي يراه شاسعاً وكبيراً، وطن يتجاوز الجغرافيا، ويحلم معه بالندى والحب والفطرة والصفاء، هو وطن يسع الجميع، ويتفاعل مع حكاياتهم وهواجسهم وأحلامهم.

هكذا كانت الإمارات بالنسبة لعمر أبو سالم، الذي حط رحاله فيها منذ أكثر من أربعين عاماً، فكتب على أرضها «الحكاية منذ البدء» وصدر في دبي 1979، و«وردة للوطن وقبلة للحبيبة» وصدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات (الشارقة 1989).

وعمر أبو سالم كان على الدوام يرى في الشعر ضالته ومبتغاه، فهو يُشعره على الدوام بالقوة والأمان، وينتشله من التشتت والرتابة وسوء الحال، كان الشعر وسيلته لكسر كافة الحواجز بينه وبين الناس. فالقصيدة بالنسبة له نخلة وارفة تسع الجميع، لا تمييز بين الناس في ظل هذه النخلة التي كانت تكبر في قلبه، فيرتدي عناوينها قولاً وفعلاً وهاجساً شعرياً يأخذك إلى كافة أغراض الشعر وإلى تلك الطبيعة الخلابة التي توزع الحب بالقسطاس على الجميع.

أحب عمر أبو سالم الشعر لأنه كان يمنحه تلك الثقة العالية بالناس، وأن ما يوحّدهم في نهاية المطاف، هو تلك الكلمة الطيبة التي تخرج دافئة وحنونة ورقيقة بالخير والتسامح.. تلك الكلمة التي رآها دائماً قريبة من نبضه، فتأملها وجال في محرابها شعراً.

يموت عمر أبو سالم فيتذكّره أصدقاؤه، وزملاؤه، ويتذكره كذلك، على نحو خاص، أولئك الشعراء، كما سيظل طيفه يردد على مسامعهم، وسيظل رفيقهم في الملمّات.

على مستوى الإعلام الثقافي أبدع عمر أبو سالم في الإذاعة والتلفزيون، وأحب الميكروفون الإذاعي، والشاشة التلفزيونية ونجح فيهما، لكن في كل عمله الوظيفي هذا بقي مخلصاً للشعر.. للقصيدة العمودية، ولقصيدة التفعيلة، ولم يكتب قصيدة النثر ليس لأن لديه موقفاً رافضاً تجاه هذا الجنس الشعري؛ بل لأن طبيعته وثقافته الأدبية قامتا على أصول الشعر العربي الخليلي العمودي والتفعيلي.

تابع عمر أبو سالم في موطنه الثاني الإمارات، كافة القضايا الثقافية التي كانت تطرحها الصحافة الإماراتية والعربية المتخصصة في الفكر والأدب والفنون، وكان بحق يمتاز بأخلاق رفيعة.

امتهن العمل الإعلامي بين 1969 و1970 في الإذاعة الأردنية، قبل أن يرتحل إلى الإمارات ويواصل مسيرته في هذه المهنة التي عشقها، حتى فارقنا تاركاً خلفه إرثاً جميلاً وباذخاً بالمحبة والعطاء.

أصدر عمر أبو سالم إضافة إلى مجموعتيه السابقتين: «ليل السفر» (شعر محكي)، وزارة الثقافة والسياحة والآثار، عمّان 1982، و«أسفار الرحلة وبدايات الخروج» (شعر)، رابطة الكتّاب الأردنيين، عمّان، 1985، و«السنوات المقبلة» (شعر) وزارة الثقافة، عمّان، 1996، و«سيدة الظلال» (شعر) بيروت، 1999، و«الأعمال الشعرية 1966 1999 (شعر) دار العودة، بيروت 1999.

من شعره في الإمارات:

الإماراتْ التي تزهو اختيالا

في جبين الكون نورٌ يتلالا

أرضها بالحسن تلتف فتبدو

نجمةً تزدانُ سحراً وجمالا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"