عادي
مفاهيم كونية في القرآن

كواكب شبيهة بالأرض

22:53 مساء
قراءة 3 دقائق
حميد مجول

أ.د. حميد مجول النعيمي *
هل نكون بمفردنا في هذا الكون الشاسع؟ وهل من أحياء في مكان آخر ؟ إن وجد أحياء فلماذا لم تحدث الاتصالات بيننا وبينهم؟

تتطلب الإجابة شمول البحث عن كائنات عاقلة في مجرتنا أولاً ومن ثم أرجاء الكون، أي لا يكون مقصوراً على البحث عن الحياة في كواكب المنظومة الشمسية فقط. ونقصد بالحياة هنا المعنى الشامل للوجود الحي في الكون، سواء الحياة النباتية أم الحيوانية أم الإنسانية. «وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً».

ومن الدراسات الفلكية والفضائية التي أجريت كثيرة ومستمرة:

1. الدراسات الراديوية التي تعتبر ركيزة الفيزياء الفلكية في السعي إلى العثور على كائنات حية في المجموعة الشمسية وفي الكون.

2. دراسة مكونات المذنبات وأشلائها عندما تمر قريباً من الشمس وترحل.

3. دراسة مكونات النيازك التي تساقطت على الأرض والعينات القمرية والمريخية، لأجل البحث عن وجود عناصر مألوفة على الأرض.

4. هبوط مسابير فضائية على سطح بعض الكواكب التي نقلت العديد من الصور بالإضافة إلى تحليل بعض من صخورها لدراسة تكوينها الكيميائي والجيولوجي.

5. يتوافر لدى العلماء بيانات لا تحصى ولا تُعد، وآلاف الصور التي سجلتها المركبات الفضائية من على أسطح بعض الكواكب وأقمارهما التي أظهرت تضاريس سطوحها. وتجمعت لهم المعلومات اللازمة لمعرفة طبيعة بيئتها والأجواء المحيطة بها من حرارة وضغط وجاذبية.

6. الدراسة بإشعاعات الليزر والألياف البصرية.

7. رسائل بعثها العلماء إلى خارج المجموعة الشمسية على قطع معدنية تحوي معلومات وبيانات عن الأرض وموقعها في الكون، وضعت في المركبتين الفضائيتين «بايونير» 10و11، والرسائل الأخرى التي وضعت على المركبتين «فوياجير»1 و 2 لغرض إرسالها خارج المجموعة الشمسية أيضاً، على أمل أن يجدها عقلاء خارج نظامنا الشمسي.

8. تلسكوب «كبلر» الفضائي الذي أطلق عام 2009 لدراسة 150000 نجم من النجوم المشابهة للشمس بهدف اكتشاف كواكب مشابهة للأرض تدور حول هذه النجوم وتلسكوب سينسر وجيمس ويب الذي أطلق مؤخراً.

من تحليل نتائج هذه الدراسات أمكن استخلاص أن الأرض في الوقت الحاضر هي الكوكب الوحيد في المنظومة الشمسية الذي توجد فيه الحياة، لتوافر الظروف البيئية المناسبة للكائن الحي وظروف الحرارة والجاذبية والغازات، والماء الذي يعد أساساً لوجود مختلف أنواع الحياة،«وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ»، وإنه يمثل الوسط الذي نشأت وترعرعت فيه الخلية الأولى، لأن ذلك الوسط متاح في الأرض في ظروف مختلفة من العمق والبرودة والإضاءة والملوحة.

أما بقية الكواكب في المجموعة الشمسية فهي إما مفرطة في الحرارة مثل عُطارد والزهرة، وإما مفرطة في البرودة أو الجاذبية مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو. وتحتبس الكواكب الثقيلة بنسبة عالية الغازات الخفيفة مثل الهيدروجين وقليلاً من الأمونيا والميثان. أما الكواكب الخفيفة مثل عطارد وبلوتو فإنها عديمة الجو الغازي وتكون معرضة إلى أعداد هائلة من ضربات النيازك والإشعاعات المميتة مثل الأشعة الكونية، وجوها يحتوي على نسبة عالية من الغازات الثقيلة مثل الزهرة والمريخ اللذين يحتويان على نسبة عالية جداً من غاز ثاني أوكسيد الكربون.

لكل هذه الاعتبارات أصبحت الحياة نادرة جداً على الكواكب وربما فرص وجودها في أجرام أخرى تؤلف نسبة ضئيلة ربما أقل من 1% بالنسبة لأعداد النجوم الهائلة، بل حتى لو وجدت على كوكب فإن من الصعوبة الاتصال بها بسبب بعدها السحيق وعدم القدرة التكنولوجية على الاتصال اليوم. وبهذا نستطيع القول: إن الأمل ضعيف في وقتنا الحاضر في اكتشاف الحياة على الكواكب في الكون،لا سيما بعد أن مرت المركبة «فوياجير1» بالقرب من الكوكب زحل وقمره تيتان اللذين يمثلان تقريباً الإمكانية الوحيدة المتبقية في وجود حياة عليهما، ولكن هذه الإمكانية أصبحت ضئيلة الآن، ومع ذلك فمن الخطأ أن نقيد أنفسنا بالبحث عن الحياة على كواكب المنظومة الشمسية وحدها في الكون الذي نعيش فيه والذي تعداد نجومه (شموسه) يجاوز 1022 نجماً غير الكواكب التي تدور حول بعض منها.

ولكن منذ عام 2009 عندما أطلق تلسكوب «كبلر»، أصبح اكتشاف كواكب مشابهة للأرض مؤكداً واحتمالات وجود الحياة في الكون كبيرة.

«وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ، وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ» الشورى 29

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"