عادي

أدب الحوار قيمة إنسانية راقية

22:37 مساء
قراءة 3 دقائق

أدب الحوار فضيلة ينبغي أن تغرس لدى الشباب والناشئة، لأنه، حسب د. محمد أبوهاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر بالقاهرة الأسبق، قيمة إنسانية راقية تميز الإنسان الذي فضله الله سبحانه وتعالى على سائر المخلوقات، وعند الحديث عن بناء الوعي لابد أن يأتي أدب الحوار في مقدمة المحاور التي ينبغي أن تركز عليها الجهات المعنية بنشر الوعي، لأنه إذا غاب أدب الحوار تسود العشوائية بين المتحاورين، ولا يمكن أن تكون هناك فائدة للحديث بينهم.

يقول د. محمد أبوهاشم: الله عز وجل خلق الناس مختلفين في ألوانهم، وألسنتهم، ومعارفهم، وذلك من ضمن آيات الله سبحانه وتعالى، وقال عز وجل «وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ» الآية (22) سورة الروم، وهذا التنوع والاختلاف سنة من سنن الله عز وجل، الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك أدب في الحوار بين أبناء الوطن، والأدب المقصود هنا يعني الاحترام وعدم الإساءة، والبعد عن الألفاظ التي تؤذي الناس، لأن الاختلاف في الرأي أمر لا يستدعي الإساءة أو التطاول أو إيذاء مشاعر الناس.

ويضيف: الدين الإسلامي يدعونا إلى قبول هذا التنوع، وجعله وسيلة للتقارب والتعايش، والحق سبحانه وتعالى يقول «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» الآية (13) سورة الحجرات. والمؤكد أن هذا التعارف يتحقق من خلال الحوار الهادف والأدب في المناقشة بين الناس، وأن يكون الحوار والنقاش حول أي قضية بهدف تحقيق مصلحة الوطن، لأن الأمم والمجتمعات التي تؤمن بحق الاختلاف والتنوع وقبول الآخر، هي الأمم التي تحقق الاستقرار والتقدم، أما الأمم التي يغيب أدب الحوار فيها فهي التي تسود فيها الفوضى، وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والجامعة والخطاب الديني والثقافي والإعلامي، لأنه عندما تتكامل جهود هذه الجهات فإن ذلك يعد ضمانة لتحقيق ونشر قيمة أدب الحوار في المجتمع.

ويشير إلى أن أدب الحوار والرقي في مخاطبة الناس أمر أسسه القرآن الكريم، ومن ذلك قول الله «قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» الآية (24) سورة سبأ. ويقول موضحاً مغزى الآية: لم يقل: نحن على هدى وأنتم في ضلال مبين، مع وضوح ذلك، وإنما ترك الاستنتاج لأصحاب العقول السليمة المنصفة.

ويضيف: ضمن الإسلام لجميع الناس حرية الرأي الهادف، الذي يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ولم يضمن لهم حرية الرأي فحسب، بل ضمن لهم ما هو أبعد من ذلك، وهو حرية المعتقد، ولا أدل على ذلك من أن النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، لم يجبر أحداً على الدخول في الإسلام، والحق سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» الآية (256) سورة البقرة، لكن من الأمور التي ينبغي التركيز عليها أن حق الإنسان في التعبير عن رأيه مكفول، لكن بشرط عدم المساس بالأديان وحريات الآخرين ومقدساتهم، وأن يكون التعبير عن الرأي منضبطاً بضوابط القيم والأخلاق والإنسانية، ويراعي شعور الآخرين، لأن الإسلام أمرنا بأن نخاطب الناس جميعاً بالقول الطيب الذي يؤلف بين النفوس، ونهانا عن أن نتعرض لمعتقدات الآخرين بسوء، والحق سبحانه وتعالى يقول «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ» الآية (108) سورة الأنعام.

ويؤكد د. محمد أبوهاشم ضرورة إعلاء مفاهيم أدب الحوار والتركيز عليها، وتناولها عبر وسائل الإعلام، وذلك بهدف أن نقدم للناس في المجتمع القدوة، كما ينبغي أن تتضمن مناهج التعليم في كل المراحل الدراسية المفاهيم التي تعلي من هذه القيمة، بجانب جهود المؤسسات الثقافية في تنمية الوعي بأدب الحوار، كما أن الخطاب الديني مطالب بالتركيز على هذه القضية وبيان أنها مطلب شرعي وفضيلة ينبغي التحلي بها، هذا بجانب دور الأسرة التي تعد أولى الجهات المعنية بغرس قيمة أدب الحوار.

ويلفت إلى أن ضبط أمور الفتوى ومنع غير المتخصصين ضرورة، لأن ذلك يحمي المجتمع من مخاطر كثيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"