عادي

الموضوع فيه إنَّ

22:34 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل
من غريب اللفظ الحديث بالإشارة بين الآخرين، كان في مدينة حلب أمير ذكي وشجاع اسمه علي بن منقذ، وكان تابعاً للملك محمود بن مرداس، ووقع خلاف بين الملك والأمير، وأدرك الأمير أن الملك سيقتله، فهرب من حلب إلى دمشق.
وطلب الملك من كاتبه ذات يوم أن يكتب رسالة إلى الأمير علي بن منقذ، يطمئنه فيها ويستدعيه، للرجوع إلى حلب، لكن شعر الكاتب بأن الملك ينوي الغدر بالأمير، فكتب له رسالة عادية جداً، ولكنه كتب في نهايتها «إنَّ شاء اللهُ تعالى»، بتشديد النون.
ولمّا قرأ الأمير الرسالة، وقف متعجباً عند ذلك الخطأ في نهايتها، فهو يعرف مدى مهارة الكاتب وذكائه، لكنه أدرك فوراً أن الكاتب يحذره من شيء ما حينما شدد تلك النون.
ولم يلبث أن فطنَ الأمير إلى قوله تعالى «إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك»، فأرسل برسالة عادية يشكر الملك على أفضاله ويطمئنه على ثقته الشديدة به، وختمها بعبارة «إنّا الخادم المقر بالإنعام»، بتشديد النون في «أنا».
ولما قرأها الكاتب فطن إلى أن الأمير يبلغه أنه قد تنبه إلى تحذيره المبطن، وأنه يرد عليه بقوله تعالى «إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا»، وتأكد أن الأمير ابن منقذ لن يعود إلى حلب في ظل وجود ذلك الملك الغادر.
ومن هذه الحادثة صار الجيل بعد الآخر يقول للأمر إذا كان فيه شك أو سوء نية أو غموض «الموضوع فيه إنّ».
كان أبو علقمة من المتقعرين في اللغة، وكان يستخدم في حديثه غريب الألفاظ، وفي أحد الأيام قال لخادمه: أصقعت العتاريف؟ فأراد الخادم أن يلّقنه درساً، فقال له كلمة ليس لها معنى وهي: زق فيلم، فتعجب أبو علقمة، وقال لخادمه: يا غلام ما زق فيلم هذه؟ فقال الخادم: وأنت، ما صقعت العتاريف هذه؟ فقال أبو علقمة: معناها: أصاحت الديكة ؟ فقال له خادمه: وزق فيلم معناها: لم تصح.
ودخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب، فقال: إني أكلت من لحوم الجوازئ، وطسئت طسأة، فأصابني وجع بين الوابلة إلى دأية العنق؛ فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الشراسيف؛ فهل عندك دواء؟ قال: نعم. خذ خوفقاً وسربقاً ورقرقاً، فاغسله واشربه بماء. فقال: لا أدري ما تقول، قال: ولا أنا دريت ما قلت.
وروي أن عيسى بن عمر النحوي الثقفي البصري كان غريباً في لفظه ونحوه وحكي أنه سقط عن حمار فاجتمع عليه الناس فقال: «مالكم تكأكأتم عليَّ كتكأكئكم على ذي جنة افرنقعوا عني» فهرب من كان حوله، وقالوا: إن شيطانه ينطق بلسانه.
وروي أن رجلاً قصد سيبويه لينافسه في النحو، فلما وصل إلى داره طرق الباب، فخرجت له جارية سبيويه، فسألها: أين سيدك يا جارية؟ فأجابته بقولها: فاء إلى الفيء فإن فاء الفيء فاء.
فقال: والله إن كانت هذه الجارية فماذا يكون سيدها؟ ورجع
وقع نحوي في حفرة، فجاء كناس ليخرجه، ونادى عليه ليعلم أهو حي أم لا؟ فقال النحوي: اطلب لي حبلاً دقيقاً، وشدني شداً وثيقاً، واجذبني جذباً رفيقاً، فقال الكناس: ثكلتني أمي إن أخرجتك منها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"