أهمية دعم «الأونروا»

00:00 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

مشكلة قديمة تتجدد بشكل شبه سنوي، وهي النقص في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي أعلنها مؤخراً مفوضها العام فيليب لازاريني «أن المفوضية تسعى للحصول على 1,6 مليار دولار من المجتمع الدولي في العام الحالي 2022 ليكون باستطاعتها تغطية احتياجات الملايين من لاجئي فلسطين وتأمين الخدمات والبرامج الحيوية المنقذة للحياة لهم، والتي تشمل التعليم والصحة والمعونات الغذائية».
 لقد شمل طلب المفوّض تمويلاً طارئاً إضافياً للوكالة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن الأزمات في غزة والضفة الغربية (التي تشمل القدس الشرقية) وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان. وفي هذا الخصوص أضاف لازاريني قائلاً «يدرك المجتمع الدولي الدورالإنساني الذي تقوم به الأونروا ومساهمتها التي لا غنى عنها كداعم للاستقرار في الشرق الأوسط»، مضيفاً «إن النقص المزمن في ميزانية الوكالة يهدد سُبل عيشهم ويشكل تهديداً خطيراً لقدرة الوكالة في المحافظة على الخدمات المقدّمة لهم حتى الأساسية منها».
 معروف أن «الأونروا» هي الوكالة الوحيدة المستثناة من «المفوضية السامية لحقوق اللاجئين» التي تتلخص مهماتها في تقديم الحماية للاجئين والعمل على إعادتهم إلى أوطانهم والبحث عن مواطن أخرى لهم يتم توطينهم فيها. أما بالنسبة للاجئي شعبنا الفلسطيني فمهمة «الأونروا» تعمل وفق قرارات الأمم المتحدة الصادرة بهذا الشأن وبخاصة القرار رقم 194، أي حقهم في العودة إلى ديارهم أو تعويض من لا يرغب بذلك. لكن بالنسبة لأي فلسطيني فإنه لن يقبل بديلاً عن وطنه. 
 يأتي مقترح ميزانية العام الحالي في وقت تواجه فيه «الأونروا» عجزاً مزمناً في التمويل يقوّض جهودها لتقديم الدعم الإنساني والتنمية البشرية لمعظم هؤلاء اللاجئين الذين هم أشدّ عرضة للمخاطر في العالم، والذين تتزايد احتياجاتهم باستمرار. ووفقاً ل«الأونروا» يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين حالياً بنحو 2,3 مليون لاجئ يعيشون حالة فقر شديد.
 غنيّ عن القول، أن «الأونروا» هي شريان الحياة الوحيد المتبقي لهم. فقد أصبح الفقر هو القاعدة السائدة في أوساطهم.
 معروف أن الخبرة الطويلة التي اكتسبتها «الأونروا» في العمل فى مناطق الأزمات منحتها سمعة إيجابية باعتبارها مجالاً لتقديم الأسس الضرورية للبقاء. ويمكن القول إنها من أكثر وكالات الأمم المتحدة الإنسانية كفاءة وفعالية من حيث الجهد. ومنذ بداية جائحة كورونا قامت الوكالة بتوسيع وتحسين سبل الوصول إلى الخدمات الصحية الإلكترونية والتطبيب عن بعد، وعملت على تقديم الخدمات الصحية لما مجموعه 1,7 مليون لاجئ خلال عام 2021، كما أنها تلتزم بالاستثمار في الإصلاح والتحديث البرنامجي الشامل لتلبية احتياجات اللاجئين بطريقة أكثر فعالية من حيث الكلفة والكفاءة.
 إن ميزانية ممولة بالكامل لعام 2022 ستساعد الوكالة في جهودها لكسر حلقة الفقر الشديد بين اللاجئين من خلال تقديم قروض التمويل الأصغر. وحتى بداية شهر نيسان/إبريل الحالي موّلت «الأونروا» قروضاً تمويلية للعديد من اللاجئين بقيمة 31,2 مليون دولار، كما قامت بإدخال تحسينات هيكلية حيوية للعديد مخيمات اللاجئين لخلق بيئة معيشية أكثر أماناً وصحة لهم.
 لقد تأسست «الأونروا» كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين المسجلين لديها في أماكن عملها. وتقتضي مهمتها بمساعدة لاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان وسوريا والضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة على تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. 
 خلاصة القول، إن جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين، كما ضمانة عيشهم بكرامة يتحملها المجتمع الدولي، وتحديداً العديد من الدول التي ساهمت بشكلٍ أو بآخر في عملية تهجيرهم، فلا أقل من مسؤولية سدّ العجز المالي للوكالة تقع على هذه الدول.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"