عادي
وليام وات أحد المعترفين بالفضل

معارف الإسلام أساس نهضة أوروبا

22:01 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

فرضت المنجزات الحضارية الإسلامية نفسها على العالم في العديد من المجالات، وكانت القرون الوسطى هي المسرح الذي شهد تمدد المعارف والأفكار والعلوم العربية والإسلامية وتأثيرها الكبير في أوروبا وبقية الشعوب، فقد كانت بمثابة منارة يشع نورها ليشمل العالم أجمع، فكانت هنالك فتوحات في مجالات متعددة مثل ما حققه ابن سينا، وأبو بكر الرازي، والزهراوي، وابن النفيس في مجالات الطب والصيدلة، وجابر بن حيان وتلاميذه في مجال الكيمياء، والحسن بن الهيثم والبيروني والطوسي وعمر الخيام والبتاني في ميدان الرياضيات والبصريات والفلك، وبقية مجالات الفلسفة والأدب والمعارف.

وليام مونتجمري وات (1909 – 2006)، مستشرق بريطاني عمل أستاذاً للغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخ الإسلامي بجامعة إدنبرة في اسكتلندا، وهو واحد من أكثر الكتاب الغربيين الذين أنصفوا الإسلام، وتحدثوا عن تأثير حضارة المسلمين والعرب في الغرب في المجالات كافة، وله العديد من المؤلفات منها «محمد في مكة»، و«محمد في المدينة»، و«محمد النبي ورجل الدولة» و«فضل الإسلام على الحضارة الغربية»، وغير ذلك من الكتب التي كان لها دور كبير في تغيير الصورة الذهنية السائدة عن الإسلام والمسلمين في الغرب.

كتاب «تأثير الإسلام في أوروبا العصور الوسطى»، هو واحد من أهم مؤلفات وات التي يفرد فيها صفحات من أجل إبراز دور المسلمين والعرب وحضارتهم في الغرب في كل مجالات العلوم والأفكار والمعارف. وفي هذا المؤلف يفند الرجل نظرة بعض مسيحيي أوروبا العصور الوسطى العدائية إلى الإسلام، ويبحث في تأثير علوم المسلمين بمجملها في أوروبا.ويقدم وات اعترافاً بالأهمية الكبيرة للعلوم التي قدمها العرب للإنسانية جمعاء، وفي هذا السياق يقول في الكتاب: «بسبب وقوف أوروبا ضد الإسلام، قلّلت من شأن التأثير الإسلامي، وبالغت في اعتمادها على تراث الإغريق والرومان. ولذلك، مهمتنا نحن أوروبيو اليوم، حيث إننا ننتقل إلى عصر العالم الواحد، تصحيح الاعتقادات الخاطئة، والاعتراف بفضل العالمين العربي والإسلامي». ويشير الكاتب إلى المحاولات المستمرة في الغرب للحط من شأن الحضارة الإسلامية، موضحاً أنه رغم ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن الإسلام أنتج حضارة متميزة وأصيلة استفادت من بعض العلوم في الحضارات المختلفة، وراكمت عليها، ثم كانت هي أساس في تشكيل عصر النهضة في أوروبا.

إمبراطورية

يشير وليام مونتجمري وات إلى الفتوحات الإسلامية في إسبانيا، ووجود العرب في صقلية وإيطاليا، ويتناول دوافع التوسع العربي، لافتاً إلى أهمية التفريق بين فتوحات المسلمين والغزو الذي قام به غيرهم من الشعوب. ويوضح أن العرب صنعوا إمبراطورية أصبحت على أعلى مستوى من الثقافة والحضارة في المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى أفغانستان، ويلفت إلى أن الفتوحات العربية أدت إلى أن فرض العرب لغتهم على معظم شعوب الإمبراطورية الإسلامية، وكان تأثيرهم كبيراً في تلك البلدان التي فتحوها، فعندما أسلم المتعلمون من الحضارات الفكرية الأخرى مزجوا أفكارهم بدراستهم للقرآن، وبذلك تكونت الثقافة الإسلامية المستقلة.

ذروة

الكتاب يؤكد أن الحضارة الإسلامية وصلت ذروتها في منتصف القرن العاشر، وبقيت في هذا المستوى المرتفع إلى القرن السابع عشر، ولم يكن هذا في منطقة واحدة من الإمبراطورية، بل امتد حيثما كان الإسلام قوياً. ويشير وليام مونتجمري وات إلى الأدوات والوسائل التي أدت إلى انتشار الحضارة الإسلامية، موضحاً أن التجارة كانت من ضمن وسائل التواصل بين أوروبا والمسلمين. ويقول: «كان العرب ناشطين في الترويج لتجارتهم، وكانت أساطيل العرب تسيطر على البحر المتوسط على الرغم من بقاء البيزنطيين في بحري الأدرياتيكي وإيجه»، ويضيف: «شهد النصف الثاني من القرن العاشر تطوراً ملحوظاً في التجارة بين العالم الإسلامي وغرب أوروبا، حيث كان حجم التجارة يتنامى». ويوضح أن بناء السفن الأوروبية اعتمد على المراكب ذات الأشرعة المثلثة التي كان العرب أول من استخدمها في البحر المتوسط، لافتاً إلى أن بعض المسلمين طوروا الخرائط الملاحية التي تعد من أهم أدوات الملاحة، كما كان لهم دور في تطوير أدوات الزراعة في إسبانيا.

ويتناول المؤلف إنجازات العرب في العلوم والفلسفة، لافتاً إلى أن بعض علماء المسلمين وصلوا إلى درجة في العلوم الطبية أعلى من سابقيهم وجمعوا بين المعرفة النظرية الواسعة والملاحظة الحادة في تطبيقاتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"