أ.د. حميد مجول النعيمي *
أصبح اكتشاف مجاميع شمسية أخرى في داخل مجرتنا وخارجها من أكثر الموضوعات إثارة في العلوم الفلكية والفضائية، لذلك يلجأ العديد من العلماء إلى استحداث طرائق جديدة للكشف عن الكواكب الخارجية، منها دراسة الحركة الحقيقية لنجمٍ مّا بالنسبة إلى الشمس والنجوم الأخرى التي تقع خلفه أثناء حركته حول مركز المجرة، وذلك بتصوير النجم مدة طويلة من الزمن تستغرق عشرات السنين لحساب حركة النجم. وإذا كان المسار مستقيماً فإنه نجم منفرد، وإذا كان المسار متعرجاً فمعنى ذلك أنَّ هناك جرماً آخر يؤثر فيه، وهذا الجرم إما أن يكون كوكباً أو نجماً، وقد تم رصد عشرات النجوم لها مسارات متعرجة، بعضها كان نجوماً ثنائية والبعض الآخر يتوقع لها كواكب، مثل النجم «برنارد» الذي يبعد عنا 6 سنوات ضوئية وله كوكبان، كتلة أحدهما تساوي كتلة المشتري، أما الكوكب الثاني فكتلته نصف كتلة المشتري، و«النجم إبسلون» الذي يبعد عنا 11 سنة ضوئية تقريباً وكتلته ثلاثة أرباع كتلة الشمس له كوكب واحد 6 مرات أكبر من كوكب المشتري. أما النجم «HIP 79431» الذي اكتشف مؤخراً في برج العقرب فسمي باسم الشارقة من قبل الاتحاد الفلكي الدولي وهو قزم أحمر له كوكب تم تسميته «برجيل» أصغر من المشتري قليلاً، وهكذا فقد تم اكتشاف مئات النجوم لها كواكب، من ضمنها نجم النسر الواقع الذي اكتشف أن له كوكباً حجمه يقارب حجم المشتري.
وقد وجد أن القرص الغباري المحيط بالنجم اللامع «فم الحوت» الموجود في كوكبة الحوت له عدد من الكواكب تدور حوله، أي أن نجم فم الحوت وقرصه الغباري هما مجموعة شمسية خارج مجموعتنا الشمسية، ومن خلال أجهزة الأشعة تحت الحمراء تم رصد كواكب تشبه الأرض تدور في مدارات قريبة من نجم فم الحوت، أما الحافات الملتوية المتأثرة بجاذبية النجم فهي كواكب مماثلة لكوكب المشتري أو زحل تدور في مدارات بعيدة عن فم الحوت، وقد تم اكتشاف مجموعة شمسية أخرى في برج السرطان تبعد عنا 40 سنة ضوئية من خلال أرصاد أحد كواكبها المشابهة لكوكب المشتري.
إن هدف مثل هذه الأرصاد الفلكية الأرضية والفضائية المكثفة هو البحث عن مخلوقات أو حياة في الكون، وإن اكتشاف المجاميع الشمسية هذه يزيد من احتمالية وجود الحياة في الكون عامة ومجرتنا «درب التبانة» خاصة، علماً أن الدراسات النظرية والإحصائية تؤيد وجود عدد كبير من مظاهر الحياة العاقلة داخل مجرة «درب التبانة» وخارجها.
وبعد إطلاق تلسكوب ناسا الفضائي «كبلر» تم اكتشاف ورصد العديد من الكواكب المشابهة للأرض، فعلى سبيل المثال، رصد عشرات الكواكب شبيهة الأرض أعطيت أسماء للنجوم باسم التلسكوب كبلر (النجم كبلر 1، كبلر 2، كبلر 3.. وهكذا) وأعطيت أسماء لكواكب هذه النجوم بالحروف a, b, c مثل كبلر 20a أو 20b أو 22a......الخ منها:
• كواكب «النجم كبلر 20»، وهي خمسة كواكب تبعد عنا 1000 سنة ضوئية: الكواكب الثلاثة الأولى «كبلر 20b» و«كبلر 20c» و«كبلر 20d»، وهي أصغر من الكوكب نبتون وتكمل دورانها حول نجمها بالأيام، أما الكوكب «20e» فإنه يكمل دورانه حول نجمه «كبلر20» في 6 ستة أيام وحرارته السطحية بحدود 200 درجة مئوية وحجمه بحدود 87% من حجم الأرض، أما الكوكب «كبلر 20f» فإنه يكمل دورته حول نجمه ب 19 يوماً وحرارته 400 درجة وحجمه مساو تقريباً حجم الأرض.
لقد تم اكتشاف العديد من الكواكب شبيهة الأرض والاكتشافات والبحث مستمرة عن كواكب شبيهة بالأرض والحياة في المجموعة الشمسية وفي مجرة «درب التبانة» وخارجهما، والله سبحانه ذكر في عدد من آياته الكريمة احتمالية وجود الحياة في الكون:
• «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ» الشورى 29 «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ». النحل 49
• «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ». الحج 18
* مدير جامعة الشارقة
* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
