خطر عدم الاستقرار في باكستان

01:07 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

وعد شهباز شريف زعيم حزب «الرابطة الإسلامية» الذي جرى انتخابه يوم الاثنين الماضي رئيساً جديداً للحكومة الباكستانية خلفاً لرئيس الحكومة السابق عمران خان الذي حجبت الثقة عن حكومته من البرلمان، بإنقاذ ما سمّاه ب «القارب الغارق»، ويعني بالطبع باكستان التي تواجه مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي جراء حالة غير مسبوقة من الصراع السياسي على السلطة بين فريقين، الأول يقوده عمران خان الذي يتحدث بثقة أنه تعرض لعملية «انقلاب» مدبرة من جانب السفارة الأمريكية في إسلام أباد، والثاني تقوده المعارضة التي أضحت الآن على رأس السلطة وتتكون بشكل أساسي من حزب «الرابطة الإسلامية» بقيادة شهباز شريف و«حزب الشعب» بزعامة بيلاوال بوتو زرداري (ابن رئيسة الحكومة السابقة بي نظير بوتو).

 التحالف الحاكم الجديد نجح في حجب الثقة عن عمران خان وحكومته ب 174 صوتاً داخل البرلمان الذي يتكون من 342 مقعداً، ما يعني أن صوتين فقط هما ما رجح كفة المعارضة لإسقاط حكومة الشخص الذي كان يتمتع حزبه «حركة أنصاف» ب 155 مقعداً في البرلمان.

 بدأت الأزمة السياسية الجديدة في باكستان باتهام عمران خان، الولايات المتحدة بالتدخل في شؤون بلاده، على خلفية بدء نقاش داخل البرلمان يستهدف حجب الثقة عن حكومته. ففي كلمة للأمة قال إن الولايات المتحدة الأمريكية «تقف خلف رسالة تثبت حصول تدخل سياسي في شؤون باكستان»، وعلى الرغم من أنه حاول أن يتراجع عن تسمية الولايات المتحدة في محاولة لجعل الاتهام «مائعاً» عندما عاد ليقول إن «بلداً أجنبياً.. لا يمكنني ذكر اسمه.. أعني بلداً أجنبياً». رغم ذلك فإن الرسالة وصلت واضحة، وتولت وسائل الإعلام الباكستانية كشف الغموض عن الأمر بالقول إن الرسالة المذكورة هي من السفير الباكستاني في واشنطن نقل فيها حديثاً سجّله مع مسؤول أمريكي كبير اعتبر أن «العلاقات ستكون أفضل بين البلدين إذا ترك رئيس الوزراء مهامه».

وفي كلمته للأمة، المشار إليها، كان عمران خان حريصاً على أن يكشف عن خلفيات عدم الرضا الأمريكي عنه، وأبرز بشكل أساسي زيارته لروسيا ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليلة الهجوم الروسي على أوكرانيا، وقال عمران إن «القادة الأوروبيين أنفسهم ذهبوا إلى روسيا، لكن باكستان تحديداً تُسأل لماذا ذهبتم إلى هناك وكأننا خدامهم».

 هكذا أرادها عمران خان معركة الشعب الباكستاني ضد المعارضة وضد الأمريكيين وربما أيضاً ضد الجيش بحكم العلاقة الوثيقة التي تربط الجيش الباكستاني بالولايات المتحدة. 

 مرحلة الصراع الأولى انتهت بانتصار المعارضة، لكن المرحلة الثانية الأصعب، بدأت قبل تصويت البرلمان بحجب الثقة عن الحكومة. فعقب صدور قرار المحكمة، يوم الخميس، بأن عمران خان خالف الدستور عندما عرقل تصويتاً على الثقة كان مقرراً الأحد (2022/4/3) قال عمران خان إنه «يشعر بخيبة أمل من قرار المحكمة لكنه وافق عليه»، لكنه أوضح أنه «لن يعترف بأي حكومة من المعارضة تحل محله»، وقال في خطاب للأمة «لن أقبل حكومة مستوردة»، مؤكداً أن خطوة الإطاحة به «جزء من مؤامرة أجنبية» ودعا إلى خروج احتجاجات سلمية، وقال «أنا مستعد للنضال»، وتأكيداً لذلك رفض حضور جلسة تصويت البرلمان، وأعلن استقالته من البرلمان، وأخذ أعضاء حزبه من النواب وعددهم 155 نائباً الموقف ذاته عندما رفضوا المشاركة في التصويت على حجب الثقة وأعلنوا استقالتهم أيضاً.

 عمران خان رفض البقاء تحت قبة البرلمان قائلاً: «لن أجلس مع هؤلاء السارقين تحت قبة البرلمان»، معتبراً أن «من الإهانة أن يكون المرشح لمنصب رئيس الوزراء متهماً في قضايا فساد»، يعني شهباز شريف الذي انتخب رئيساً للحكومة وهو شقيق نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق الذي اتهم في قضايا فساد ودخل السجن وأفرج عنه بعد فترة لدواعٍ صحية.

 هكذا يمكن القول إن انتخاب رئيس جديد للحكومة قد لا يكون خطوة فعلاً نحو إنقاذ القارب الباكستاني من الغرق، حسب وعود شهباز شريف، بقدر ما تكون اندفاعاً نحو حالة غير مسبوقة من الانقسام الشعبي الذي بدأت تتأكد معالمه مع خروج المظاهرات المؤيدة لشخص عمران خان في كثير من المدن الباكستانية. احتمال قد يتأكد إذا لم يجد البرلمان أمامه غير طريق الانتخابات الجديدة بعد استقالة أعضاء حزب «أنصاف»، وإذا تأكد هذا الاختيار ستتجدد الفرصة أمام عمران خان ليواصل تصفية حساباته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"