«قلبي اطمأن».. سيد البرامج

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تكتمل فرحتنا بما نشاهده على الشاشة في رمضان إلا بوجود «قلبي اطمأن». برنامج يمشي في طريق خاص، يشبه البرامج وليس برنامجاً، يشبه الكاميرا الخفية ولا ينتمي إلى عالمها الساخر الضاحك، يشبه الأفلام الوثائقية ولا ينتمي إلى قديم مضمونها وأرشفة معلوماتها.. إنه سيد البرامج، سلسلة حكايات إنسانية يجسدها أبطالها الأصليون بلا تمثيل، ترصدهم الكاميرا وترصد ردود أفعالهم دون إضافة بهارات ولا لمسة مؤلف وسيناريست ولا توجيهات مخرج، وحده غيث يؤدي الدور المطلوب منه لكن بلا تمثيل أيضاً، بل بغيث من المشاعر الإنسانية. 
«قلبي اطمأن» يسافر ويحط في أي دولة وقرية، يختار الحالات الإنسانية الصعبة، يدرس الملفات جيداً قبل أن تتم الموافقة على الحالة التي يسعى البرنامج إلى مساعدتها. يكمل رسالته الإنسانية، ويصل إلى ذروة النُبل في العطاء بعدم الكشف عن وجهه، منذ سنوات يطل على الشاشة هذا الشاب الإماراتي مخفياً وجهه، لا نراه إلّا من الخلف؛ لأنه لا يطمع بالشهرة ويرفض التباهي بما يفعل، يترك الصدارة في المشهد لفعل الخير بحد ذاته، للعطاء كي نتعلم منه جميعاً، وتستيقظ بعض الضمائر، فتصحو الإنسانية، ويصبح العطاء ومساعدة الآخرين جزءاً طبيعياً وملازماً لحياة كل منا. 
كل الحلقات مؤثرة، وكل حالة ساعدها البرنامج الذي يعرضه تلفزيون أبوظبي تستحق الدعم الذي تحصل عليه، فالبرنامج لا يوزع المال على الناس، بل يدرس احتياجات كل فرد وقدراته التي يمكن استغلالها؛ كي يكون هذا العطاء مفتاحاً لحل مشكلة بشكل مستمر لا مؤقت، مثل أن يؤمّن لرجل بلا عمل ولا معيل، خسر سيارته التي كانت مصدر رزق له، المبلغ الكافي ليشتري سيارة تعيده إلى العمل سائقاً، فتحفظ له كرامته وتضمن له قوته اليومي. 
أبو مصطفى في الحلقة 12 «كبار السن»، هو السائق الذي اختاره «قلبي اطمأن»، وهو الرجل الذي أبكانا ببكائه حين علم أن المتحدث إليه هو غيث وليس شيخاً يطلب منه عملاً بسيطاً في توزيع بطاقات الزكاة كما أوهمه، لماذا بكى الرجل واندهش عندما اكتشف أنه غيث؟ لأن أبا مصطفى دعا ربه قبل أيام أن يصادف «غيث» في طريقه، لذلك شعر بأن الله سمعه واستجاب، فبكى ثم ركع يشكره. 
بكينا مع أبي مصطفى كما بكينا ونبكي مع كل حالة إنسانية مؤثرة، لكن ليس المطلوب منا أن نبكي ونتعاطف من بعيد لبعيد فقط، مثل هذه النوعية من البرامج المفروض أنها تحرك فينا النخوة والمشاعر، وتنبه الغافلين من الناس إلى أهمية التعاون مع أي إنسان نصادفه في حياتنا، ونتأكد من حاجته للمساعدة، فيكون كل منا غيثاً في محيطه لتطمئن كل القلوب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"