تناقضات «من شارع الهرم»

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

أثار الجدل قبل انطلاق عرضه في رمضان، فدافع عنه صناعه وقالوا لنا: «انتظروا قبل أن تحكموا». معهم حق؛ إذ كثيراً ما يكون الحكم على الظواهر والعناوين وقشور الحكايات مجحفاً بحق أي عمل، وانتظرنا وشاهدنا وكبر الجدل، ليتحد في اللوم على المسلسل والمشاركين فيه كويتيون ومصريون وسوريون. 
«من شارع الهرم» إلى مسلسل تحزن عليه؛ لأنه يتضمن في طياته بعض الجمال، وبطلته هدى حسين تتألق بأداء مبهر، تقود العمل بجدارة كما تقود الدكتورة عبلة (الطبيبة النسائية التي تؤديها في المسلسل) كل أفراد عائلتها ستة رجال وزوجاتهم والعاملين في المنزل، بجانب العاملين في المستشفى الخاص بها والذي يعمل فيه أيضاً أبناؤها الأطباء. هدى حسين تتفوق على ذاتها وخصوصاً في مشهد تتلقى فيه وهي في منزلها اتصالاً من سيدة تشعر بآلام الولادة، فتتابعها عبر الهاتف وتهدئ من مخاوفها وتعطيها تعليمات وبنفس الوقت يتدفق عليها أبناؤها على التوالي، كل منهم بيده طفله يلجأ إليها لحل مشكلة، كالنحلة تتنقل فيما بينهم وتلبي كل احتياجاتهم، وتحتفظ بهدوئها وابتسامتها لتهدئ من روع المرأة التي تضع طفلها بسلام بفضل توجيهات عبلة. 
لماذا نأسف على المسلسل؟ لأن كاتبته هبة مشاري حمادة اهتمت بفكرة إثارة الجدل في رمضان عبر اختراقها حدود ما هو مقبول في المجتمعات العربية، كما اخترقت حدود المنطق أيضاً، فكيف يمكن لامرأة أن تتحلى بكل هذا الهدوء وهي المسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة مع كل مشاكل أولادها وعائلاتهم وتدير الجميع وتتحكم بكل شيء؟ ولماذا اختارت الكاتبة أن تكون الراقصة السوقية مصرية، والزوجة الثانية لنزار أحد أبناء عبلة سورية، لولا الرغبة في جذب جمهور البلدين ليكبر الجدل ويخرج من الكويت إلى كل العالم العربي؟ 
كثيرة هي التجاوزات التي في المسلسل، والتي كان بإمكان الكاتبة التخلي عنها بسهولة، فترتقي به ليصير أحد أجمل المسلسلات الخليجية هذا الموسم. لماذا جعلت كل النماذج الذكورية سيئة؟ ولماذا يتزوج في السر شاهين طليقة أخيه قتيبة (وهو ما زال على قيد الحياة)، ويعيش ولدا قتيبة في أزمة نفسية؟ لماذا زهير طبيب التجميل بلا قيم ولا أخلاق حتى يطلب من زوجته ارتداء البكيني أمام أصدقائه، ثم يطلب منها ارتداء فستان يعري ظهرها كي يرى الناس جمال ما صنعه بأنامله وكأنها منحوتة من صلصال وليست زوجته؟ 
لا نرى نموذجاً إيجابياً واحداً، ولا علاقات سوية بين الأزواج، كيف تكون وكل أبناء عبلة بلا أخلاق ولا صفات حميدة؟! وهنا التناقض في الكتابة؛ إذ كيف لشخصية مثل عبلة بكل هذه الرعاية لأبنائها وهذا الوعي وهي سيدة راقية وشديدة الاحترام، أن تربي رجالاً بلا قيم وغير أسوياء بهذا الشكل؟!. 
المسلسل ظريف بالمواقف الكوميدية، وأداء الممثلين فيه جيد: خالد البريكي، ليلى عبدالله، مرام البلوشي، أحمد إيراج، عبدالمحسن القفاص، لولوة الملا، فرح الصراف، خالد الشاعر، نور الشيخ، إيمان الحسيني، وناصر الدوسري.. ما عدا نور الغندور فهي مصطنعة بامتياز.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"