موسم الخير في الإمارات يعيش ذروته من مساهمات ومبادرات والتفاتات وعمل خيري لا ينحصر من القادرين وأصحاب المال، وإنما يطول جميع فئات المجتمع أفراداً ومؤسسات وقطاعات بأكملها تعد العدة كل عام ليكون هذا الشهر مغلفاً بالعطاء والخير وفك الكرب وتحقيق الآمال وتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها.
من اللافت هذا العام أن بيوت المواطنين في مختلف الإمارات تحولت إلى نقاط لتوزيع الإفطار الذي تحول إعداده بكميات وتوزيعه عصراً من العادات الجميلة التي ترافق الشهر الكريم؛ بل إن هناك أسراً بأكملها تعمل متكاتفة يومياً لخدمة الصيام وتقديم وجبة متكاملة لكل منهم وتوزيع الهريس والوجبات الأخرى على طوابير من الصائمين الذين لا تسمح ظروف عملهم بإعداد طعام الإفطار، فانبرى هؤلاء المحسنون للقيام بهذه المهمة الرائعة التي باتت سلوكاً يمتد على ما بعد رمضان ويعكس روح التعاضد في مجتمع الإمارات.
في مواقع أخرى يعكف متطوعون تركوا منازلهم في وقت الإفطار الذي يعد أكثر وقت ينتظره الصائم ليجتمع بعائلته ويتناول إفطاره وتوزعوا على الطرقات من أجل توزيع وجبات كسر الصيام على السائقين الذين يتصادف وجودهم بعيدا عن منازلهم ولا يحملون ما يفطرون به، حيث دأبوا على القيام بهذه المهام منذ اليوم الأول من رمضان وحتى اليوم الأخير في مشهد يعكس الوعي والاحتفاء بقيم التطوع التي تحولت إلى سلوك أصيل في أبناء هذا الجيل.
كثيرة هي المبادرات في الإمارات التي بدأت صغيرة وكبيرة وبجهود عظيمة من أناس ربما ادخروا أموالهم من أجل الفوز بهذا الشرف ونيل الأجر، تجدهم أمام أبواب بيوتهم قبل الإفطار يبحثون عن صائم يستضيفونه وينالون من ورائه الأجر ويدعمون كل حملة تنطلق ويسهمون في إنجاحها ومنها مبادرة «المليار وجبة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بهدف توفير الدعم الغذائي للفقراء والمحتاجين وخاصة الفئات الضعيفة حول العالم وهي الأكبر في المنطقة الهادفة لتوفير شبكة أمان غذائي للفقراء والجائعين انطلاقاً من المسؤولية الأخلاقية والالتزام الإنساني من الإمارات تجاه الأشد حاجة حول العالم.
مجتمع الإمارات لا ينحصر تطوره في الشكل العام من حياة وبنى تحتية ومدن متطورة؛ وإنما بالوعي والثقافة والتعاضد والتلاحم مع محيطه دون حدود جغرافية لأنه تربى على العطاء والأيادي البيضاء واستثمرت قيادته ذلك عبر إشراك الجميع في العمل الخيري والإنساني من الأفراد والمؤسسات من مختلف القطاعات.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
