عادي
قراءات

فالتر بنيامين.. ربيع الفلسفة

23:39 مساء
قراءة 3 دقائق
1
  • هرب من النازي وانتحر في عام 1940

القاهرة: «الخليج»

«فالتر بنيامين حياة لم تكتمل» كتاب يأخذنا في رحلة طويلة عبر حياة هذا المفكر الكبير، ليقدم لنا سرداً شائقاً لتلك الحياة القصيرة الغنية بالعمل الفكري، وفي الوقت نفسه يقدم عرضاً أميناً لأفكار فالتر بنيامين (1892 1940) الأساسية ونصوصه الرئيسية، وبذلك يقدم الكتاب مزجاً بين السيرة الذاتية لمفكر كبير، ومقاربات لتحولات الفكر الغربي الحديث، وبين هذا وذاك نقرأ الكثير عن تاريخ أوروبا المعاصر الذي أثّر بشدة في مسارات حياة بنيامين.

ينقل لورنس يجر مؤلف الكتاب الصادر بترجمة علا عادل، جانباً مما دوّنه بنيامين من سيرته الذاتية في كتابه «وقائع برلين» الذي قال فيه: «لطالما كان الأساس الاقتصادي الذي قامت عليه ثروة والدي محفوفاً بسرية تامة على مدار فترة طفولتي وصباي». كان والده «يتمتع بالطابع المغامر لكبار التجار» إلا أن «بعض العوامل غير المواتية قد تسببت في انسحابه مبكراً من شركة كانت على الأرجح تلائم إمكاناته بشكل جيد، ألا وهي دار مزادات لبيع القطع الفنية».

وصف الفيلسوف إرنست بلوخ، صديق بنيامين، كتابه «شارع ذو اتجاه واحد» كالتالي: «إنه بمثابة افتتاح متجر للفلسفة، تضم نافذة عرضه أحدث صيحات ربيع الميتافيزيقا»، لابد أن أفراد العائلة كانوا يتحدثون مراراً وتكراراً عن باريس: المدينة التي جمع فيها الأب أولى خبراته المهنية، فتحولت تلك المدينة شيئاً فشيئاً إلى موضوع حياة بنيامين».

كان فالتر بنيامين أكبر إخوته، فيما بعد اختار أخوه جورج الذي ولد عام 1895، وأخته دورا التي ولدت عام 1901، السلك الأكاديمي أيضاً، وانشغل كلاهما بالتيار السياسي اليساري، ولم يبلغ أي منهما عامه الخمسين، حيث قتل جورج عام 1942، وتوفيت دورا عام 1946 في سويسرا بمرض السرطان، ولم يلعب إخوة بنيامين دوراً في كتابه «طفولة برلينية» الذي سرد فيه سيرته الذاتية، حيث لم يظهر منهما سوى أخته فقط، وذلك في حلم مخيف انتابه.

كان أردور الاسم المستعار الذي استخدمه بنيامين في شبابه حتى عام 1914، ونشر تحته محاولاته الشعرية ونصوصه النثرية في مجلة «البداية»، وبدأت حركة الشبيبة في ألمانيا نحو عام 1900 وكانت تهدف إلى تأسيس أنماط ثقافية خاصة بها، كان الشباب يمثل معارضة حيوية متكاملة في مواجهة العالم، شكلت تلك المعارضة أولى صور الصراعات الاجتماعية في وعي بنيامين، ما يعني أنه كان منذ البداية خبيراً بالصراع حول مصطلح الثقافة، حيث تسلح بالفكرة والعقل والميتافيزيقا.

ظل محيط أصدقاء بنيامين من فترة الدراسة يمثل له قيمة ثابتة، وتحدث أدورنو عن شيء «يشبه الهالة نوعاً ما» كان يحيط ببنيامين منذ وقت مبكر، وحين كتب بين عامي 1913 و1914 «ميتافيزيقا الشباب» كان على تواصل ضعيف بجموع الأدباء البرلينيين، إلا أنه تعرف إلى أشخاص من محيط ناد عرف باسم «النادي الجديد» الذي كان بمثابة المهد الأصلي للطليعة في برلين.

كان بنيامين قد تغير مع مرور السنين، فقد كتب أحد أصدقائه عنه: «لقد لفت انتباهي فوراً بطريقته في السير ذاك اليوم، لم أعرفه مطلقاً من ملامح وجهه، لقد هرم.. كان يبدو في حقيقة الأمر أكبر من عمره الحقيقي، ولم يكن بكامل صحته. بشكل أو بآخر، كانت الهموم تعصف به، كنت أرى أمامي شخصاً رسمته الحياة بريشة من ألم، كان يبدو في هيئة رجل مهموم يقضي أيامه بين جنبات المكتبات التي يملؤها الغبار والهواء العفن ويبدو أنه نادراً ما كان يغادرها ليرى الشمس ويتنسم الهواء النقي».

لم يكن بنيامين يدع أي تجربة شخصية بارزة في حياته تمر دون أن يضفي عليها مبالغة ميتافيزيقية، وفارق الحياة في السادس والعشرين من سبتمبر 1940 بعد 24 ساعة من تناوله عقاراً قاتلاً، وكان ذلك في العاشرة مساء، وفقاً لما ورد في سجل الوفيات. مات بنيامين بعد رحلة هروب فاشلة من وجه النازي.

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"