عادي
لوبون يعترف بفضل حضارته..

الإسلام دين التقدم

22:28 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

تحدث العديد من الفلاسفة الغربيين المهمين بكثير من الإيجابية عن الإسلام، ووجدوا فيه ديناً يقدم أُسساً جديدة للحياة، ولعل من أبرز تلك الأسماء التي أنصفت الإسلام الفيلسوف الغربي الأبرز فريدريش هيجل الذي أشار إلى أن الإسلام دخل التاريخ كقوة مضيئة، وتجاوز سلبية الفكر الشرقي، وكذلك الفيلسوف الكبير إيمانويل كانط، الذي ذكر أن للمسلمين مكانة خاصة لما فيهم من نبل، وغيرهم من مفكرين وأدباء غربين من أمثال: الروسي تولستوي، والبريطاني جورج برنارد شو، والشاعر الفرنسي لامارتين، وغيرهم ممن تناولوا عظمة الإسلام.

الفرنسي جوستاف لوبون (1841 – 1931) هو فيلسوف ومفكر وطبيب ومؤرخ وعالم اجتماع له مؤلفات في علم الآثار وعلم الأنثروبولوجيا وكتابات عن الشرق، وبصورة خاصة حضارة العرب. وهو أحد أشهر فلاسفة الغرب الذين امتدحوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية، فهو لم يسر على نهج معظم مؤرخي أوروبا، وكان يصر دائماً على وجود فضل للحضارة الإسلامية على العالم الغربي. ومعظم الموسوعات والدراسات العربية التي أرخت لتاريخ الاستشراق، وصفت لوبون بأنه منصف للإسلام، وهذا الأمر تؤكده مؤلفاته ودراساته العديدة عن العرب والمسلمين، فهو لم يعتمد في كتاباته على ما توفر عنده من مراجع ومصادر فقط؛ بل قام بجولة في المشرق العربي وآسيا وشمال إفريقيا، وتعرف عن قرب إلى الحضارة العربية؛ الأمر الذي شكل لديه أفكاراً ورؤى ترجمها إلى مؤلفات.

لحظة تاريخية

في مؤلفه الشهير «حضارة العرب»، الذي كتبه في عام 1884، يغوص لوبون عميقاً في التاريخ الحضاري العربي، ويشير إلى الإسلام كلحظة غاية في الأهمية وذات خصوصية صنعت تاريخاً جديداً، ويربط الكاتب بين تقدم العرب وتمسكهم بالإسلام، ويشير إلى أن تراجعهم الحضاري يرتبط كذلك بتخلفهم عن الدين؛ وذلك الأمر يذكره لوبون في الكتاب بصورة واضحة عندما يقول: «حين كان المسلمون متمسكين بدينهم كانوا سابقين أيضاً في الدنيا، ولما ابتعدوا عن دينهم وتعاليمه صاروا تابعين لغيرهم وعالة عليهم. فالمسلمون يدفعهم دينهم إلى التقدم، ويتأخرون بتأخرهم عن دينهم». وذلك القول يوضح أن المؤلف يمتلك اعتقاداً راسخاً بأن حضور الدين الإسلامي كان له العامل الحاسم في ترسيخ وتعميق وإثراء حضارة العرب.

يركز الكتاب كذلك على قضية غاية في الأهمية وأثارت لغطاً كبيراً، وهي مسألة تأثير الحضارة العربية في الغرب، فهو يؤكد فضل العرب على المجتمعات الغربية وأوروبا بصورة خاصة، لأن العرب وعلماء المسلمين حافظوا على الآثار الفكرية والفلسفية للعالمين اليوناني واللاتيني القديمين، ودفعوا بعلومه ودراسته إلى الأمام. ويشير إلى أن العديد من الجامعات الغربية عاشت ما يزيد على ستمئة عام على ترجمات الكتب العربية.

إرث

يطل المؤلف على الأثر الكبير للإرث الفكري والعلمي للمسلمين والعرب في الحضارة الإنسانية والعالمية، فهو ترجمة للزيارات التي قام بها لوبون في المنطقة العربية، عقب فراغه من دراسة الطب، بعد أن أبدى اهتماماً خاصاً بحضارة العرب والمسلمين وأراد دراستها عن قرب وفق منهج اجتماعي، فكان أن اهتم في الكتاب بإبراز الكثير من الأبعاد والسمات التي يتصف بها العرب والمسلمون ومنجزاتهم. وهذا ما يشير إليه مباشرة عندما يقول: كان للحضارة الإسلامية تأثيرها الكبير في العالم، وهذا التأثير خاص بالعرب وحدهم، فلا تشاركهم فيه الشعوب الكثيرة التي اعتنقت الدين الإسلامي·

يتناول الكتاب بصورة متعمقة، الإنجازات الفكرية والعلمية والتاريخية للمسلمين والعرب في دولة الأندلس، موضحاً الدور الكبير الذي كانت تلعبه الأندلس بوصفها منفذاً مهماً للعلوم الإسلامية والعربية نحو أوروبا. ويشير إلى أن عرب الأندلس هم وحدهم الذين حافظوا، في القرن العاشر من الميلاد، على العلوم والآداب التي أهملت في كل مكان حتى في القسطنطينية؛ حيث لم يكن في العالم في ذلك الزمن بلاد يمكن الدراسة والتعلم فيها غير الأندلس، عدا الشرق الإسلامي الذي كان منارة مضيئة.

أخلاق

يشير المؤلف إلى الأخلاق العالية الرفيعة التي تمتع بها المسلمون وهي النابعة عن الدين الإسلامي وتعاليمه، موضحاً أن تلك القيم الفاضلة تجلت بصورة واضحة أثناء الفتوحات الإسلامية، ويعقد الكتاب مقارنة بين أخلاق المسلمين وغيرهم في الحروب، فيقول: «لما أجلي العرب المسلمون سنة 1610م من بلاد الأندلس، اتخذت جميع الذرائع للفتك بهم وقتلهم، في حين أن العرب لما فتحوا إسبانيا تركوا السكان فيها يتمتعون بحريتهم الدينية محتفظين بمعاهدهم وكنائسهم وحريتهم في العبادة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"