عادي

الإنشاد الديني..سردية من الفرح

23:32 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة:«الخليج»

تعتبر المناسبات والاحتفالات الدينية هي الحقل الخصب الذي يزدهر فيه الإنشاد الديني، خاصة تلك الليالي المرتبطة بمناسبات مفصلية في تاريخ المعتقد الديني وفي لحظات تكوينه الأولى، ذلك أن الغرض من تحويل تلك اللحظات إلى جزء أصيل من الاحتفالات هو تثبيتها داخل الوجدان الشعبي.

يشير أحمد أبو خنيجر في كتابه «الإنشاد الديني في جنوب مصر» أن أغلب المراجع التي تناولت تاريخ التصوف الإسلامي تشير إلى تلازمه مع بدايات ظهور الإسلام، لكن التصوف كحركة داخل التاريخ والحضارة الإسلامية كان يحتاج إلى مرور بعض الوقت لبلورة وتطوير الكثير من أفكاره الخاصة.

وهو ما جرى في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ويعتبر ذو النون المصري (المتوفى في عام 245 هجرية) هو أول من وضع البدايات الأولى للتصوف في مصر.

يرى أبو خنيجر أن الجماعة الشعبية لم تفصل مطلقا بين نشاطاتها الدينية والدنيوية، وكان عليها أن تجعل أفراحها واحتفالاتها الدينية جزءاً من تصورها الديني، فلا يمكن على سبيل المثال أن تشاهد واحداً من الأفراح التي تقيمها الجماعة الشعبية دون أن تجد الملمح الديني واضحاً وظاهراً، ستراه في مجموعة من الطقوس التي تمر بها أيام الفرح حتى في طريقة إعداد الطعام والتجهيز له، لكن التجلي الأكبر سيكون أكثر حضوراً في الليلة الختامية للفرح: الليلة الكبيرة كما يطلق عليها.

في الليلة الكبيرة التي يحضرها أعداد غفيرة من أبناء المكان والقرى المجاورة، سنجد أن الإنشاد الديني هو سيد تلك الليالي باختلاف أنواعه، حتى وإن سبق تلك الليالي عدد من الليالي التي يمكن وصفها بالاحتفال الدنيوي الصرف.

المقصود هنا هو نوع الغناء في تلك الليالي السابقة لليلة الكبيرة، ففي هذه الليلة التي تشهد التجمع العام للجماعة لن يكون إلا ما قد تم الاتفاق عليه من خلال الوجدان العام، أو ذلك المسمى بالشعور الجمعي العام.

ويتناول الكتاب أنواع الإنشاد الديني الشعبي الذي يقام في تلك الليالي، مع التركيز على الجنوب، ذلك أن كل منطقة صاغت إنشادها الديني وطرق أدائه المختلفة حسب موروثها الثقافي ومحدداتها الاجتماعية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"